للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجد على وجه هذه البسيطة أبنية فخمة وقصور مشيدة ومساكن وغرف .. لكنها مهما علا قدرها وجمالها ومهما تطاول بنيانها وعلوها .. لا تشبه ما في الجنة من مساكن وبنايات إلا في الاسم فقط، ففي الجنة من سحر المساكن وجمال القصور وتعالي الغرف وتلألؤ الخيام, ما تقر به العين وتسكن إليه النفس وكيف لا وخيامها من لؤلؤ, وقصورها من ذهب وفيها من فاخر الأثاث وكواعب النساء وطيب الشراب ولذيذ الطعام مالا يخطر ببال أو يدور في الخيال، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الجنة بناؤها لبنة من فضة و لبنة من ذهب ومِلاطُها المسك الأذْفَرُ وَحَصْبَاؤُهَا اللؤلؤ والياقوت و تربتها الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس و يخلد لا يموت لا تبلى ثيابهم و لا يفنى شبابهم.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

(الجنة بناؤها لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) أَيْ بِنَاؤُهَا مُرَصَّعٌ مِنْهُمَا

(وَمِلَاطُهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ مَا بَيْنَ اللَّبِنَتَيْنِ مَوْضِعُ النُّورَةِ، فِي النِّهَايَةِ: الْمِلَاطُ الطِّينُ الَّذِي يُجْعَلُ بَيْنَ سَاقَتَيِ الْبِنَاءِ يُمَلَّطُ بِهِ الْحَائِطُ أَيْ يُخْلَطُ.

(الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ) أَيِ الشَّدِيدُ الرِّيحِ.

(وَحَصْبَاؤُهَا) أَيْ حَصْبَاؤُهَا الصِّغَارُ الَّتِي فِي الْأَنْهَارِ قَالَهُ الْقَارِي. وَقَالَ صَاحِبُ أَشِعَّةِ الجزء السابع اللُّمَعَاتِ: أَيْ حَصْبَاؤُهَا الَّتِي فِي الْأَنْهَارِ وَغَيْرِهَا. قُلْتُ: الظَّاهِرُ هُوَ الْعُمُومُ

(اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ) أَيْ مِثْلُهَا فِي اللَّوْنِ وَالصَّفَاءِ

(وَتُرْبَتُهَا) أَيْ مَكَانَ تُرَابِهَا

(الزَّعْفَرَانُ) أَيِ النَّاعِمُ الْأَصْفَرُ الطَّيِّبُ الرِّيحِ فَجَمَعَ بَيْنَ أَلْوَانِ الزِّينَةِ وَهِيَ الْبَيَاضُ وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ وَيَتَكَمَّلُ بِالْأَشْجَارِ الْمُلَوَّنَةِ بِالْخُضْرَةِ. وَلَمَّا كَانَ السَّوَادُ يَغُمُّ الْفُؤَادَ خُصَّ بِأَهْلِ النَّارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>