للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغفلة تأتي عقبي النسيان والترك، قال تعالى: ((وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاه. [الكهف: ٢٨]

والغفلة صفة ذم ونقص نهى الله عز وجل عنها عباده وحذر منها ونزه نفسه العلية عنها فقال عز وجل (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة: ٧٤]

وقال تعالى (وَمَا كُنَّا عَنْ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) [المؤمنون: ١٧]

وقال تعالى ((وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)) [إبراهيم: ٤٢]

، ونهى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحذره في الوقوع في الغفلة حاثاً على كثرة الذكر وملازمته.

قال تعالى ((وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ) [الأعراف: ٢٠٥]

وبين الله سبحانه وتعالى أن أهل النار أهل الغفلة فقال عز وجل (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ *أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ) [يونس ٨،٧]

إن الإعراض عن دار الخلود يورث في هذه الدنيا هشاشةً في المواقف والنوازل، وإيثاراً للراحة والسلامة، وملاينةً للأعداء، وتنصُّلاً من المسؤوليات الجِسَام؛ فمن كانت الدنيا همّه وشغله؛ أتراه يبذل وقته وماله وقلمه في سبيل الله تعالى؛ فضلاً عن أن يقدِّم مهجته؟!

قال تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم ٦، ?]

أي أن قلوبهم وإرادتهم توجهت إلى الدنيا وشهواتها فعملت لها وغفلت عن الآخرة فلا تشتاق إلى الجنة ولا تخشى النار، وهذا علامة الشقاء وعنوان الغفلة.

والغفلة عن الآخرة، وضعف اليقين بأحوال القيامة قد شمل القاصي والداني، والبرّ والفاجر، والذكر والأنثى - إلا ما شاء الله - فمستقل ومستكثر، وفتِّش نفسك هل أنت سالم؟!

لقد حذَّر السلف الصالح من الغفلة عن الآخرة، وعدم تذكُّر أهوال الآخرة وزواجرها؛

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له.

<<  <  ج: ص:  >  >>