للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى الذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى بِدُونِ سَبَبٍ مَشْرُوعٍ، وَعَلَى سَبِيلِ الهَضْمِ وَالظُّلْمِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُمْ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ مَا يَكُون سَبَباً فِي إِيصَالِهِمْ إلَى نَارِ جَهَنَّمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، أَوْ إنَّهُمْ إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً تَتَأجَّجُ.

ولقد فعلت هذه النصوص القرآنية بإيحاءاتها العنيفة العميقة فعلها في نفوس المسلمين. خلصتها من رواسب الجاهلية. هزتها هزة عنيفة ألقت عنها هذه الرواسب. وأشاعت فيها الخوف والتحرج والتقوى والحذر من المساس ـ أي مساس ـ بأموال اليتامى. . كانوا يرون فيها النار التي حدثهم الله عنها في هذه النصوص القوية العميقة الإيحاء. فعادوا يجفلون أن يمسوها ويبالغون في هذا الإجفال!

(حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الثابت في صحيح أبي داوود موقوفاً) قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} (٣٤) سورة الإسراء، {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} سورة النساء، قَالَ: انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ، فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ، يَفْصِلُ الشَّيْءَ مِنْ طَعَامِهِ فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ، أَوْ يَفْسَدَ، فَيَرْمِي بِهِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٢٢٠) سورة البقرة، فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِمْ، وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِمْ".

(٤) كفار بني إسرائيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>