يُحَذِّرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ مِنْ عُلَمَاءِ السُّوءِ، وَعُبَّادِ الضَّلاَلَةِ، وَيَقُولُ: إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ، اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، بِصُوَرٍ وَطَرَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ، وَيَسْتَغِلُّونَ رِئَاسَتَهُمُ الدِّينِيَّةَ فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ ذَلِكَ، وَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ اسْتَمَرُّوا عَلَى ضَلاَلِهِمْ وَعِنَادِهِمْ، طَمَعاً فِي أَنْ تَبْقَى لَهُمْ تِلْكَ الرِئَاسَاتُ، وَأَخَذُوا يَصُدُّونَ النَّاسَ وَيَصْرِفُونَهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ الإِسْلاَمِ، وَهُوَ دِينُ الحَقِّ، وَيُلْبِسُونَ الحَقَّ بِالبَاطِلِ، وَيُمَوِّهُونَ عَلَى أَتْبَاعِهِمْ مِنَ الجَهَلَةِ أَنَّهُمْ إِنَّما يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ، وَذَلِكَ لأَنَّهُمْ لَوُ أَقَرُّوا بِصِدْقِ مُحَمَّدٍ، وَصِحَّةِ دِينِهِ، لَتَوَجَّبَ عَلَيْهِمْ مُتَابعَتُهُ، فَيبْطُلُ حُكْمُهُمْ، وَتَزُولُ مَكَانَتُهُم، وَتَنْقَطِعُ مَوَارِدُهُمْ، وَمَصَادِرُ رِزْقِهِم العَرِيضَةُ.
وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّهُمْ دُعَاةٌ إِلَى النَّارِ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ، وَيُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى مَنْ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةِ (أَيْ يُكَدِّسُونَ الأَمْوَالَ)، وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَفِي الجِهَادِ لِنُصْرَةِ دِينِ اللهِ، وَفِي الإِحْسَانِ إِلَى عِبَادِهِ وَمَصَالِحِهِمْ، وَيُبَشِّرهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: المَقْصُودُ بِالكَنْزِ هُوَ المَالُ الَّذِي لاَ تُؤدَّى زَكَاتُهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَيُّ مَالٍ أَدَّيْتَ زَكَاتَهُ، فَلَيْسَ بِكَنْزٍ، وَإِنْ كَانَ مَدْفُوناً فِي الأَرْضِ، وَأَيُّ مَالٍ لَمْ تُؤدَّ زَكَاتَهُ هُوَ كَنْزٌ يُكْوَى بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ.
يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ المَالَ الذِي لَمْ تُؤدَّ زَكَاتُهُ سَيُحْمَى عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَتُكْوَى بِهِ جِبَاهُ أَصْحَابِهِ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، وَسَيُقَالُ لَهُمْ تَبْكِيتاً وَتَقْرِيعاً: هَذا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَلَمْ تُؤَدُّوا مِنْهُ حَقَّ اللهِ، وَهَذَا مَا حَبَّأْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا طَعْمَهُ الآنَ عَذَاباً أَلِيماً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute