للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخواني، ارفضوا هذه الدنيا كما رفضها الصالحون، وأعدّوا الزاد لنقلة لا بدّ لها أن تكون، واعتبروا بما تدور به عليكم الأيام والسنون.

• يا أخي، إياك والدنيا، فإن حبل الدنيا مبتوت، واقنع منها بالقوت، واعلم أنك تموت.

[*] • أورد الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في بحر الدموع عن الحسن البصري أنه قال: أدركت أقواما، وصحبت طوائف، كان يأتي على أحدهم الخمسون سنة ونحوها ما طوى منهم أحد ثوبا قط لفراش ولا نوم، ولم يأمر أهله قد بعمل طعام، ولا جعل بينه وبين الأرض فراشا، ولقد كان يأكل أحدهم الأَكْلَة، فيودّ أنها حجر في بطنه، وما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يتأسفون على شيء منها أدبر، ولهي أهون عليهم من هذا التراب الذي تطؤونه بأرجلكم، ولقد كان أحدهم يعيش عمره مجهودا شديد الجهد، والمال الحلال إلى جنبه، فيقال له: إلا تأخذ من هذا المال شيئًا لتقتات به؟ فيقول: لا والله، إني لأخاف إن أصبت منه شيئًا يكون فساد لقلبي وديني.

[*] • قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه اللطائف:

رمى " الصديق " ماله حتى ثوبه وقال " عمر ": ليتني كنت تبنة وقال عثمان: ليتني إذا مت لا أبعث.

صاح " علي " بالدنيا: طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك وقد كانت تكفي واحدة لكنه كيلا يتصور الهوى جواز المراجعة وطبعه الكريم يأنف من المحلل.

وقال: " أبو الدرداء ": ليتني كنت شجرة تعضد.

• ولله درُ من قال:

يا من غدًا في الغيّ والتيه ... وغرّه طول تماديه

أملى لك الله فبارزته ... ولم تخف غبّ معاصيه

• ولله درُ من قال:

فلا تأمن لذي الدنيا صلاحاً ... فإن صلاحها عينُ الفساد

ولا تفرح لمالٍ تقتنيه ... فإنك فيه معكوس المراد

[*] • أورد الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في بحر الدموع عن

الحسن البصري أنه قال: يا ابن آدم، إن لك عاجلًا وعاقبة، فلا تؤثر عاجلتك على عاقبتك، فقد والله، رأيت أقوامًا آثروا عاجلتهم على عاقبتهم، فهلكوا وذلوا وافتضحوا.

يا ابن آدم، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعًا، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعًا.

يا ابن آدم، لا يضرّك ما أصابك منشدة الدنيا إذا ادّخر لك خير الآخرة، وهل ينفعك ما أصبت من رخائها إذا حرمت من خير الآخرة.

يا ابن آدم، الدنيا مطيّة، إن ركبتها حملتك، وإن حملتها قتلتك.

يا ابن آدم: إنك مرتهن بعملك، وآت على أجلك، ومعروض على ربك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، وعند الموت يأتيك الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>