للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِالنَّوَاجِذِ) جَمْعُ نَاجِذَةٍ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الضِّرْسُ الْأَخِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ مُرَادِفُ السِّنِّ وَقِيلَ هُوَ النَّابُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا تَكَامَلَتِ الْأَسْنَانُ فَهِيَ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ ثَنَايَا، وَهِيَ أَوَائِلُ مَا يَبْدُو لِلنَّاظِرِ مِنْ مُقَدَّمِ الْفَمِ، ثُمَّ أَرْبَعٌ رُبَاعِيَّاتٌ، ثُمَّ أَرْبَعُ أَنْيَابٍ، ثُمَّ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ، ثُمَّ اثْنَا عَشَرَ أَضْرَاسٍ، وَهِيَ الطَّوَاحِنُ، ثُمَّ أَرْبَعُ نَوَاجِذَ، وَهِيَ أَوَاخِرُ الْأَسْنَانِ كَذَا نَقَلَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَضْرَاسَ عِشْرُونَ شَامِلَةً لِلضَّوَاحِكِ وَالطَّوَاحِنِ وَالنَّوَاجِذِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْعَضُّ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ مُلَازَمَةِ السُّنَّةِ وَالتَّمَسُّكِ بِهَا فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا أَخْذًا شَدِيدًا يَأْخُذُ بِأَسْنَانِهِ أَوِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالصَّبْرِ عَلَى مُقَاسَاةِ الشَّدَائِدِ، كَمَنْ أَصَابَهُ أَلَمٌ لَا يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَهُ فَيَشْتَدُّ بِأَسْنَانِهِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ.

[*] الشاهد من الحديث:

قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب:

(موعظة) من الوعظ و هو النصح و التذكير بالعواقب، و أتى لنا بكلام دال على التخويف بطريق النصيحة والتذكير بالعواقب لأجل ترقيق القلوب، و التنوين في موعظة للتعظيم و التفخيم أي بموعظة عظيمة بليغة.

(وجلت): بكسر الجيم أي خافت منها القلوب

(وذرفت) بفتح الذال المعجمة و الراء أي سالت منها العيون أي دموعها و في ذلك إشارة إلى أن تلك الموعظة أثرت في نفوسهم و أخدت بمجامعهم ظاهرا و باطنا، و هذا دليل على كمال معرفتهم و مراعاتهم لربهم.

[*] وقال ابن القيم رحمه الله:

الانتفاع بالعظة: هو أن يقدح في القلب قادح الخوف و الرجاء فيتحرك للعمل طلبا للخلاص من الخوف و رغبة في حصول المرجوا.

وها هو الإمام الذهبي رحمه الله يبين أهمية الرقائق و المواعظ في تليين القلب و صفائه:"قال كنا عند أبي شريح فكثرت المسائل، فقال: قد درنت قلوبهم فقوموا إلى خالد بن حميد المهري استقلوا قلوبكم، وتعلموا هذه الرغائب و الرقائق فإنها تجدد العبادة و تورث الزهادة و تجر الصداقة و اقلوا المسائل فإنها في غير ما نزل نفسي القلب و تورث العداوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>