فيقف جلادستون رئيس وزراء بريطانيا الأسبق في مجلس العموم البريطاني يحث قومه على زعزعة الأمة عن دينها فيقول:" مادام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة علي الشرق ولا أن تكون هي نفسها في أمان ". ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر:" إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم ".
ويسير المنصرون الذين رافقوا هذه الحملات على نفس الخط. فيقول المنصر وليم جيفورد بالكراف، في كتاب جذور البلاء:" متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداُ عن محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وكتابه ". ويقول المنصر تاكلي، في كتاب التبشير والاستعمار:" يجب أن نستخدم القرآن، وهو أمضى سلاح في الإسلام، ضد الإسلام نفسه، حتى نقضي عليه تماماً. يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديداُ، وأن الجديد فيه ليس صحيحاً ". ويقول المنصر ذاته " تاكلي "، في كتاب الغارة على العالم الإسلامي:" يجب أن نشجع إنشاء المدارس على النمط الغربي العلماني، لأن كثيراً من المسلمين قد تزعزع اعتقادهم بالإسلام والقرآن حينما درسوا الكتب المدرسية الغربية وتعلموا اللغات الأجنبية ".
واستدعى ذلك الأمر العمل على عدة محاور وفي نفس الوقت. فتم إلغاء الكتاتيب والحد من تأثيرها وإضعاف مكانتها في النفوس. وبالطبع لا يختلف أحد في أن الكتاتيب كان قد أصابها شيء من القصور، ولكن كان يجب العمل على علاج تلك الأخطاء الناجمة والتي تراكمت عبر الزمن وليس إلغائها تماما. وتزامن هذا مع الإبقاء على الأزهر - كمؤسسة دينية - قائما مع إضعاف مكانته وزعزعة ثقة الناس فيه بإنشاء المدارس الأجنبية اللادينية إلى جانبه، والمسارعة إلى تعيين خريجي هذه المدارس في مختلف الوظائف المرموقة وبأجور مرتفعة للغاية، مع عدم توفير فرص عمل لخريجي الأزهر (وبالأخص حملة القرآن منهم)، وإن وجدت فهي ضعيفة الأجر.