• لله درُّ تلك القلوبُ الطاهرة، أنوارها في ظلام الدُجى ظاهرة، لله درُّ أقوامٍ تدرعوا بالوقار والسكينة، وعملوا ليومٍ فيه كلُ نفسٍ بما كسبت رهينة، كلُ واحدٌ منهم صدره مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه بين يدي ربه مطروح، فلو رأيتهم بين ساجدٍ وراكع، وذليلٍ مخمومٍ متواضع، ومُنَكَّسِ الطرفِ من الخوفِ خاشع، تتجافى جنوبهم عن المضاجع.
• لله درّ أقوامٍ خلعوا الراحة واستفرغوا الوِسْعَ في الطاعة وتاجروا مع ربهم فربحت البضاعة، وبقي الثناء عليهم إلى قيام الساعة.
كان همام بن الحارث يدعو: اللهم ارزقني سهراً في طاعتك فما كان ينام إِلا هنيهة وهو قاعد.
وكان طاوس يتقلب على فراشه ثم يدرجه ويقول: طير ذكر جهنم نوم العابدين ٠
وقال القاسم بن راشد الشيباني: كان ربيعة نازلاً بيننا وكان يصلي ليلاً طويلاً فإِذا كان السحر نادى بأَعلى صوته: يا أيها الركب المعرّسون: أهذا الليل تنامون ألا تقومون فترحلون قال: فيسمع من ههنا باك ومن ههنا داع ٠
قال الضحَّاك: أدركت قوماً يستحيون من الله في سواد هذا الليل من طول الضجعة ٠
(٣٥) اغتنام السنن الراتبة مع الفرائض:
(حديث أم حبيبة الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة.
(حديث عائشة الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر و ركعتين بعده و ركعتين بعد المغرب و ركعتين بعد العشاء و ركعتين قبل الفجر.
(١٠) قيام ليلة القدر:
• فضل ليلة القدر:
ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر: ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريباً.
قال تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)) القدر / ٣)
وبين النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن قيامها يترتب عليه غفران الذنب،
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من يقم ليلة القدر إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)
• في أي الليالي تكون ليلة القدر؟
القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة وتجتمع فيه الأدلة أن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من رمضان، وأرجاها في الوتر من العشر الأواخر، وأشدَّها رجاءاً أن تكون ليلة سبعٍ وعشرين: