قال: ثم مات في مكانه، فرأته أمه في المنام كأن وجهه فلقة قمر تجلى من سحاب، فقالت له: يا بنيّ، ما فعل بك مولاك؟ قال: رفع درجتي، وقرّبني من محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت له أمه: يا بنيّ، ما الذي سمعت منك تقوله عند وفاتك؟ فقال لها: يا أماه، هتف بي هاتف وقال لي: يا عمران، أجب داعي الله، فأجبته، ولبيّت ربي عز وجل. رحمه الله تعالى.
[*] • أورد الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في بحر الدموع عن المغيرة بن حبيب: كنت أسمع بمجاهدة المحبين، ومناجاة العارفين، وكنت أشتهي أن أطّلع على شيء من ذلك، فقصدت مالك بن دينار، فرمقته على غفلة وراقبته من حيث لا يعلم ليالي عدة، فكان يتوضأ بعد العشاء الآخرة، ثم يقوم إلى الصلاة، فتارة يفني ليله في تكرار آية أو آيتين، وتارة يدرج القرآن درجًا، فإذا سجد وحان انصرافه من صلاته، قبض على لحيته، وخنقته العبرة، وجعل يقول: بحنين الثكلى وأنين الولهى، يا إلهي، ويا مالك رقّي، ويا صاحب نجواي، ويا سامع شكواي، سبقت بالقول تفضلًا وامتنانًا، فقلت:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة ٥٤]، والمحبّ لا يعذب حبيبه، فحرم شيبَةَ مالكٍ على النار. إلهي قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار، فأيّ الرجلين مالك، وأي الدارين دار مالك؟.
ثم يناجي كذلك إلى أن يطلع الفجر، فيصلي الصبح بوضوء العتمة رحمه الله.
[*] • أورد الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه المواعظ عن مجاهد قال: كانت الدُّموع قد اتخذت في خَده مجرى.
- وقال أيضاً:
[*] • وكان نهاد بن مطر العدوى قد بكا حتى عمى، وبكى ابنه العُلا حتى عشى بصره. [*] • وكان منصره قد بكى حتى جردت عيناه ٠ وكانت أمه تقول: يا بني لو قتلت قتيلاً ما زدت على هذا ٠
[*] • وبكى هشام الدستوائي حتى فسدت عيناه وكانت مفتوحة وهو لا يبصر بها ٠
[*] • وبكى يزيد الرقاشي أربعين سنة حتى أظلمت عيناه وأحرقت الدموع مجاورتها ٠
[*] • وبكى ثابت البناني حتى كاد بصره أن يذهب وقيل له: نعالجك على أن لا تبكي فقال: لا خير في عين لم تبك. أهـ