للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ليضحك به القوم ويل له ويل له) كرره إيذاناً بشدة هلكته وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة.

{تنبيه}: يجوز للإنسان أن يمزح إن لم يكن كثيراً بشرط أن يكون مزحه صدقاً فإن فيه إجماماً للقلوب وتفريجاً للكروب.

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا قال: إني لا أقول إلا حقاً.

{تنبيه}: ومما يجب اجتنابه في المزح أن لا يأخذ متاع أخيه على سبيل المزاح، وكذلك يحرم عليه أن يروِّع أخيه على سبيل المزح.

وقد حذر النبي من أي مجلس يخلو من ذكر الله تعالى كما في الأحاديث الآتية:

(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمار و كان لهم حسرة.

معنى (إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمار): أي مجلس نتن كجيفة حمار لخلوه من ذكر الله تعالى، لأن المجالس لا تعمرُ إلا بذكر الله تعالى.

معنى (وكان لهم حسرة): أي كان هذا المجلس ندامة لهم يوم القيامة لخلوه من الذكر

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما جلس قومٌ مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترةٌ فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم.

ترةٌ: حسرة وندامة

[*] ثانياً: الاشتغال بمجالس الآخرة:

يجب على كل مسلم أن يحرص على مجالس الآخرة وأن يتمسك بها وأن يعض عليها بالنواجذ وأن يقبل عليها إقبال الظامئ على المورد العذب، وقد أمرنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحرص على مجالسة الصالحين فيجب على المسلم أن يعتني بها اهتماماً بالغاً لأن الطباع سَرَّاقة والناس مجبولون على تقليد بعضهم البعض، فالمرء على دين خليله.

(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحْذِيَك وإما أن تبتاع منه وإما تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا خبيثة.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>