[ولا يأكل طعامك إلا تقي]: لأن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة بل هي أوثق عرى المداخلة ومخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أطعم المشركين وأعطى المؤلفة المئين بل يطعمه ولا يخالطه.
[*] قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه:
عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينةٌ في الرخاء وعدةٌ في البلاء، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يقيلك منه، واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله تعالى.
ومجالس الآخرة لا تخلو عن كونها مجاس الذكر أو تعلم القرآن أو تعلم العلم
(أ) مجاس الذكر:
فضل مجالس الذكر:
(١) مجالس الذكر سبب عظيم بل هي سبب رئيسي من أسباب حفظ اللسان:
فإن العبد لا بد له من أن يتكلم فإن رَوَّضَ نَفْسَه على الكلام بالخير صار ذلك طبعاً له لا تكلفاً فإنه من يتحرَّ الخير يُعْطَه ومن يتق الشر يُوَقَّه.
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يُوَقَّه.
إن مجالس الذكر هي أزكى المجالس وأشرفها وأنفعها وهي أعلى المجالس قدرا عند الله وأجلها مكانة عنده سبحانه وتعالى , فمجالس الذكر حياة للقلوب وزيادة للأيمان وصلاح وزكاء للعبد بخلاف مجالس الغفلة التي لا يقوم منها الجالس إلا بنقص في الإيمان وتكون عليه حسرة وندامة
من أجل ذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم وكذلك السلف رحمهم الله يهتمون بهذه المجالس أعظم الاهتمام وغاية العناية , فكان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يأخذ بيد النفر من أصحابة فيقول ((تعالوا نؤمن ساعة تعالوا فلنذكر الله ونزداد إيماناً بطاعته لعله يذكرنا بمغفرته.
فإن لم يتكلم بذكر الله وذكر أوامره بالخير والفائدة تكلم ولا بد ببعض المحرمات من غيبة ونميمة , فمن عود لسانه على ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو فلا سبيل إلي السلامة منها البتة إلا بذكر الله تعالى.
[*] قال ابن القيم رحمه الله تعالى: