وقد بات الكثير من السلف يتلو أحدهم آية واحدة ليلة كاملة، يرددها ليتدبر ما فيها، وكلما أعادها انكشف له من معانيها، وظهر له من أنوارها، وفاض عليه من علومها وبركاتها.
[*] قال الأحنف بن قيس: عرضت نفسي على القرآن، فلم أجد نفسي بشيء أشبه مني بهذه الآية وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [التوبة/ ١٠٢]
{تنبيه}: واقعنا هو تطبيق جزء من الحديث وهو التلاوة أما الدراسة والتدبر فهي - في نظر بعضنا - تؤخر الحفظ وتقلل من عدد الحروف المقروءة فلا داعي لها.
(وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله): المراد به المسجد فإن بيوت الله هي المساجد قال الله تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [النور٣٦/]
و قال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن/١٨]
و قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [البقرة/١١٤]
فأضاف المساجد إليه؛ لأنها موضع ذكره.
قوله (يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم) يتلونه: يقرءونه و يتدارسونه أي: يدرس بعضهم على بعض.
(إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة): نزلت عليهم السكينة يعني: في قلوبهم و هي الطمأنينة و الاستقرار، و غشيتهم الرحمة: غطتهم و شملتهم.
و حفتهم الملائكة: صارت من حولهم. - و ذكرهم الله فيمن عنده- أي: من الملائكة.
*ومن فوائد الحديث: فضيلة اجتماع الناس على قراءة القرآن لقوله - و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله .. الخ.
* ومن فوائد الحديث: أن حصول هذا الثواب لا يكون إلا إذا اجتمعوا في بيت الله أي: في مسجد من المساجد لينالوا بذلك شرف المكان لأن أفضل البقاع مساجدها.
*ومن فوائد الحديث: بيان حصول هذا الأجر العظيم تنزل عليهم السكينة و هي الطمأنينة القلبية و تغشاهم الرحمة أي: تغطيهم و تحفهم الملائكة أي: تحيط بهم من كل جانب و يذكرهم الله فيمن عنده من الملائكة لأنهم يذكرون الله تعالى عن ملأ، و قد قال الله تعالى في الحديث القدسي -من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم-.