المؤمن مع نفسه لا يتوانى عن مجاهدتها وإنما يسعى في سعادتها فاحترز عليها واغتنم لها منها فإنها إن علمت منك الجد جدت وإن رأتك مائلاً عنها صدت وإن حثها الجد بلحاق الصالحين سعت وقفت وإن توانى في حقها قليلاً وقفت وإن طالبها بالجد لم تلبث أن صفت وأنصفت وإن مال عن العزم أماتها وإن التفت عربدت من صبر على حر المجلس خرج إلى روح السعة من رأى التناهي في المبادي سلم ومن رأى التناهي هلك لأن مشاهدة التناهي تقصير أمله ومشاهدة المبادي في التناهي تسوف عمله وفي الجملة: من راقب العواقب سلم ٠ يا هذا: هلال الهدى لا يظهر في غيم الشبع ولكن يبدو في صحو الجوع وترك الطمع واحذر أن تميل إلى حب الدنيا فتقع ولا تكن من الذي قال: سمعت وما سمع ولا ممن سوف يومه بغده فمات ولا رجع كلا ليندمن على تفريطه وما صنع وليسألن عن تقصيره في عمله وما ضيع فيا لها من حسرة وندامة وغصةٍ تجرع عند قراءة كتابه وما رأى فيه وما جمع فبكى بكاء شديداً فما نفع وبقى محزوناً لما رأى من نور المؤمن يسعى بين يديه وقد سمع فلا ينفعه الحزن ولا الزفير ولا البكاء ولا الجزع ٠
[*] • قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه اللطائف:
لما قويت مجاهدة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعدت إلى كل من تعدى فأسلم شيطانه اللهم دلنا على قهر نفوسها التي هي أقرب أعدائنا إلينا وأكثرهم نكاية فينا يا هذا: بدل اهتمامك بك واسرق منك لك فالعمر قليل تظلم إلى ربك منك واستنصر خالقك عليك يأمرك بالجد وأنت على الضدّ. أهـ
• أخي الحبيب:
• أو ما علمت أن معالي الأُمور لا تنال بالفتور، وإنما تنال بالجد والاجتهاد والتشمرِ ليومِ المعاد، وخلعِ الراحة واستفراغ الوسع في الطاعة، أو ما علمت أن من جد وجد ومن زرع حصد، وليس من سهر كمن رقد والأمور تحتاج إلى وثبة أسد، فإذا عزمت فبادر وإذا هممت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من كان في الصف الآخر.
• أخي الحبيب:
تأمل بعين البصيرة في قوله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّىَ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرعد: ١١]
فإذا كان الأمر كذلك وأنت لا شك تريد لنفسك الخير والفلاح، فاعمل على مجاهدة نفسك وغيرها لما هو أفضل ولكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه.
[*] • قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه صيد الخاطر: