فهذا الأمر لولا أن الله سبحانه وتعالى يعلم أهميته لما أنزل سورة صدرها بقوله تبارك وتعالى:((سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا))، وكل القرآن أنزل، لكن خص هذه السورة ليلفت أنظارنا إلى خطورة الأحكام التي نزلت في هذه السورة الكريمة، سورة النور، قال عز وجل: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:١]، فنزلت في هذه السورة آيات الاستئذان وآداب الاستئذان لخطورة هذه الطريق، أليس في القرآن الكريم قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [النور:٢٧] إلى آخر الآيات المذكورة في ذلك؟! ففيها تفاصيل في منتهى الدقة والانضباط في المحافظة على الوقت، ومنها قوله عز وجل: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:٢٨]، والذي يقول هذا ليس هو فلان ولا علان، وإنما هو الله سبحانه وتعالى. وإنه لمؤلم جداً، وفي غاية الأسف مخالفة هذه الآداب، والحقيقة أن الإنسان يتحسر لهذا الأمر، فأين السلفية؟! وأين احترام الكتاب والسنة؟! وأين الحكم بما أنزل الله في خاصة أنفسنا؟! إن بعض الناس ما زال حتى الآن يجهل أن الاستئذان إنما جعل عبارة عن كون الوقت مناسباً أم غير مناسب. ولكن كثيراً من الإخوة ـ مع الأسف ـ يفهمون أن معنى الاستئذان هو كون الشخص الذي يريد أن يزوره موجوداً أو غير موجود، وهذا ليس من الإسلام في شيء، فالإسلام حكم الله سبحانه وتعالى، والاستئذان معناه كون الوقت مناسباً أم لا، وليس معناه أن المرء موجود أو غير موجود، ولو لم يكن معنى الاستئذان هو كون الوقت مناسباً أم لا لما قال الله تعالى وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:٢٨]، ولما كان هناك فائدة من قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الآتي:
(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع.