من أجل ذلك كله فاق هذا الكتاب المبارك كل ما تقدمه من الكتب السماوية، وكانت منزلته فوق منزلتها، قال تعالى:(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)[الزخرف: ٤].
وعلى هذا فلا يُتَصوَّر طلب العلم على جادةِ الاستقامة إلا بعد حفظ كتاب الله تعالى كاملاً ومن فرَّط فيه فرَّط في غيره ولا شك، وليس معنى ذلك أنه يشترط في طلب العلم حفظ كتاب الله تعالى كاملاً غير أنه لا يستقيم علمه ولا يكون له وزناً في العلم إلا إذا حفظ كتاب الله تعال كاملاً وذلك لأن كل كتب العلم تخدم كتاب الله تعالى، ولذا كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحث أمته دائماً على حفظ كتاب الله تعالى وأن يُقبلوا عليه إقبالَ الظامئِ على المورد العذب.
فضائل تلاوة القرآن الكريم:
أثنى الله عز وجل على التالين لكتاب الله فقال تعالى:(إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللّهِ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لّن تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)[فاطر: ٢٩ - ٣٠].
والسنة الصحيحة طافحةٌ بما يحث على فضل تلاوة القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه وهاك بعضٌ منها:
(حديث أبي أمامة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه اقرءوا الزهراوين: البقرة و آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة و لا تستطيعها البطلة.
اقرءوا الزهراوين: أي النيرتين
[*] قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم:
"و سميتا الزهراوين لنورهما و هدايتهما و عظيم أجرهما"
"كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان": قال أهل اللغة: الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان من فوق رأسه من سحابة وغبرة وغيرهما. نقله النووي. وفي القاموس: الغمامة: السحابة أو البيضاء من السحب. والغياية كل ما أظل الإنسان من فوق رأسه كالسحاب ونحوه. والمراد أن ثوابهما يأتي بهذا المنظر.