للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا و من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا.

الحرص على مجالس العلم ولو بالتناوب:

(حديث بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ الثابت في الصحيحين) عن عمر قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ينزل يومًا، وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك.

وكثير من المسلمين في عهده الذين لم يستطيعوا التعلم بهذه الطريقة تلقوه بطريق السؤال، كانوا يأتون رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من كل حدب وصوب يسألون عن الضروري من أمور دينهم، فيجيبهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأوجز وأبلغ عبارة، فيفهمون المراد، ويرجعون إلى بلادهم وأقوامهم، يبادرون إلى العمل.

فهذا رجل من ثقيف يأتي بعد أن امتن الله على قبيلته فدخلت في الإسلام لكن ذلك كان في فترة متأخرة، فيرغب في الخير الذي حصَّله من سبقه، فيسأل النبي سؤالاً جامعًا، ويجيبه النبي بإجابة بليغة وجيزة.

عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك ـ وفي رواية "غيرك " ـ قال: قل آمنت بالله فاستقم وهو ثابت في صحيح مسلم.

وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يفرحون بمجيء أحد من الأطراف، خاصة إذا كان من البادية؛ لأنهم كانوا يسألون رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن مسائل كان الصحابة يتهيبون من سؤاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها.

ولذلك قال أنس: كنا نهاب أن نسأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء،

وكان يعجبنا أن يأتيه الرجل من أهل البادية فيسأله، ونحن نستمع.

وذلك بعد أن أنزل الله تعالى قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" [المائدة/١٠١]

بل وحتى النساء كن يحرصن على سؤاله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتعلم أمور الدين منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكانت المرأة من الصحابيات إذا استحيت أن تسأله مباشرة، سألته بواسطة بعض أمهات المؤمنين إذا كان الأمر يتعلق بشيء مما يستحي منه النساء، وأما في غير ذلك فيسألنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحرصن على تلقي العلم منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>