(٢) الصلاة: وهي من أعظم ما تزكو به النفوس ولذلك قرن الله تعالى بينها وبين التزكية في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}[الأعلى: ١٤ ـ ١٥].
وقد شبه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطهير الصلاة للنفوس بتطهير الماء للأبدان كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسلُ فيه كلَ يومٍ خمسَ مراتٍ، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثلُ الصلوات الخمس يمحو الله بهنَّ الخطايا.
[*](قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «وفيها أن العبد لا يمكنه أن يتطهر ويتزكى حتى يخرج زكاة ماله، وأنه لا يكفرها شيء سوى أدائها؛ لأن الزكاة والتطهير متوقف على إخراجها» اهـ.
(٤) ترك المعاصي والمحرمات: قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} أي: زكى نفسه بفعل الطاعات، ثم قال:{وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} أي: خسر من دساها بالفجور والمعاصي.
قال شيخ الإسلام:«فكذلك النفس والأعمال لا تزكو حتى يزال عنها ما يناقضها، ولا يكون الرجل متزكيا إلا مع ترك الشر، فإنه يدنس النفس ويدسيها». المجموع» لشيخ الإسلام
(١٠/ ٦٢٩).
[*](قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «والمقصود أن زكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة، قال تعالى:{وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[النور:٢١]، ذكر ذلك سبحانه عقيب تحريم الزنا والقذف ونكاح الزانية، فدل على أن التزكي هو باجتناب ذلك» اهـ. «إغاثة اللهفان» (١/ ٤٩).
(٥) التوبة، فهي أول مقامات منازل العبودية عند السالكين، وبها يذوق الإنسان حلاوة الانتقال من التخلية إلى التحلية، قال الله عز وجل منوها بشأنها:((وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [النور:٣١]
(٦) لزوم الاستغفار والذكر عموماً، لقول الله عز وجل:((وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)) [الزخرف:٣٦]