لما دعا إبراهيم عليه السلام ربه طالباً من يخلفه في الدعوة إلى الله من ولده قال: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) [البقرة: ١٢٩]
فمن أهم أعمال الرسل التزكية و من مهمات الرسل التزكية، حدد إبراهيم عليه السلام مهمة الرسول:
(تلاوة آيات الله
(تعليم الكتاب و الحكمة
(التزكية
استجاب الله هذا الدعاء بل و امتن به على المؤمنين في ثلاثة مواضع من القرآن:
(الموضع الأول): في سورة البقرة:
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: ١٥١]
(الموضع الثاني): في سورة آل عمران:
(لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) [آل عمران: ١٦٤]
(الموضع الثالث): في سورة الجمعة:
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) [الجمعة: ٢]
{تنبيه}: (إن المتأمل بعين البصيرة في ترتيب سيدنا إبراهيم في وظيفة الرسول هو: «تلاوة الأيات ثم تعليم الكتاب و الحكمة ثم التزكية»
أما ترتيب الله جل و علا في الثلاث آيات هو: «يتلو عليكم آياتنا ثم ويزكيهم ثم ويعلمهم الكتاب و الحكمة» فقدم التزكية قبل العلم.
و العلماء يقولون: أن كل الشرع إنما ابتني لتزكية هذه النفس وتزكية القلب.
(فالتوحيد تزكية: بدليل الآية التي ذكرناها: (وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) [فصلت ٦ - ٧]
يعني لا يزكون أنفسهم بالتوحيد، فالتوحيد تزكية، قال الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: ٢٩]