للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المكروه عندهم: النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس؟ فإنه وقت غنيمة، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس، فإنه أول النهار ومفتاحه، ووقت نزول ا لأرزاق، وحصول القسم، وحلول البركة. ومنه ينشأ النهار، وينسحب حكم جميعه علي حكم تلك الحصة. فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر.

بالجملة فأعدل النوم وأنفعه: نوم نصف الليل الأول، وسدسه الأخير، وهو مقدار ثماني ساعات. وهذا أعدل النوم عند الأطباء، وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه.

ومن النوم الذي لا ينفع أيضا: النوم أول الليل، عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء. وكان رسول الله يكرهه. فهو مكروه شرعا وطبعا. والله المستعان.

(حديث أبي برزة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.

أولاً: الإقلال من الضحك والمزاح:

يجب على المسلم إذا أراد إصلاح قلبه أن يتجنب كثرة الضحك لأن كثرة الضحك تميت القلب بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي هريرة في صحيح ابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

(كن ورعاً تكن أعبد الناس) أي داوم عليه في جميع الحالات حتى يصير طبعاً لك فتكون أعبد الناس لدوام مراقبتك واشتغالك بأفضل العبادات بظاهرك وباطنك بإيثار حقك على حظك وهذا كمال العبودية ولهذا قال الحسن: ملاك الدين الورع وقد رجع ابن المبارك من خراسان إلى الشام في رد قلم استعاره منها وأبو يزيد إلى همدان لرد نملة وجدها في قرطم اشتراه وقال: غريبة عن وطنها وابن أدهم من القدس للبصرة لرد تمرة، فانظر إلى قوة ورع هؤلاء وتشبه بهم إن أردت السعادة

(وكن قنعا تكن أشكر الناس) لأن العبد إذا قنع بما أعطاه اللّه رضي بما قسم له وإذا رضي شكر فزاده اللّه من فضله جزاء لشكره وكلما زاد شكراً ازداد فضلاً {لئن شكرتم لأزيدنكم}

(وأحب للناس ما تحب لنفسك) من الخير (تكن مؤمناً) أي كامل الإيمان لإعراضك عن هواك وإن لم تحب لهم ما تحب لنفسك فأنت مؤمناً ناقص الإيمان لمتابعتك هواك

<<  <  ج: ص:  >  >>