للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: علاجه الإعراض عن النظر؛ فإن النظر مثل الحبة تلقى في الأرض؛ فإذا لم يلتفت إليها يبست، وإن سقيت نبتت؛ فكذلك النظرة إذا ألحقت بمثلها (١).

وقال: فإن جرى تفريط بإتْباع نظرة لنظرة فإن الثانية هي التي تخاف وتحذر؛ فلا ينبغي أن تحقر هذه النظرة؛ فربما أورثت صبابة صبَّت دم الصبِّ (٢).

[*] (وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: فعلى العاقل ألا يحكِّم على نفسه عشق الصور؛ لئلا يؤدِّيه ذلك إلى هذه المفاسد، أو أكثرها، أو بعضها؛ فمن فعل ذلك فهو المفرط بنفسه، المغرور بها؛ فإذا هلكت فهو الذي أهلكها؛ فلولا تكراره النظر إلى وجه معشوقه، وطمعه في وصاله لم يتمكن عشقُه من قلبه (٣).

فعلى من يريد السلامة لنفسه أن يغض طرفه عما تشتهيه نفسه من الحرام، وليكن له في ذلك الغضِّ نيةٌ يحتسب بها الأجر، ويكتسب بها الفضل، ويدخل في جملة من نهى النفس عن الهوى.

(ج) التفكر والتذكر: وذلك باب واسع جداً، والمقام لا يتسع إلا لأقل القليل؛ فليتفكر العاشق في خطواته إلى لقاء محبوبه، وأنها مع ما فيها من ضم جراح إلى جراح مكتوبة عليه، وهو مطالب بها.

وليتفكر في مكالمته محبوبَه؛ فإنه مسؤول عنها، مع ما فيها من إلهاب نار الحب.

وليتذكرْ هاذم اللذات، وشدة النزع، وليتفكر في حال الموتى الذين حبسوا على أعمال تجاوزوا فيها؛ فليس منهم من يقدر على محو خطيئة؛ ولا على زيادة حسنة؛ فلا تَعْث يا مطلق!.

وليتصور عَرْضَه على ربه، وتخجيله له بمضيض العتاب.

وليتخيل شهادة المكان الذي وقعت فيه المعصية.

وليمثل في نفسه عند بعض زلله كيف يؤمر به إلى النار التي لا طاقة لمخلوق بها.

وليتصور نفاد اللذة، وبقاء العار والعذاب.

وليتذكر أنه لا يرضى لأحد من محارمه أن يكون معشوقاً؛ إذا كان ذا غيرة، فكيف يرضى ذلك المصير لغيره؟

(د) البُعد عن المحبوب: فكل بعيد عن البدن يُؤَثِّر بعده في القلب؛ فليصبر على البعد في بداية الأمر صبر المصاب في بداية مصيبته، ثم إن مَرَّ الأيام يهون الأمر.

فليبتعد عن المحبوب، فلا يراه، ولا يسمع كلامه، ولا يرى ما يذكره به.


(١) ذم الهوى ص ٤٤٠.
(٢) ذم الهوى ص ٤٤٠.
(٣) الجواب الكافي ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>