للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] (قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فإن الصلاة فيها دفع مكروه، وهو الفحشاء والمنكر، وفيها تحصيل محبوب وهو ذكر الله (١).

(ك) زجر الهمة الأبية: عن مواقف الذل، واكتساب الرذائل، وحرمان الفضائل؛ فمن لم تكن له همة أبية لم يكد يتخلص من هذه البلية؛ فإن ذا الهمة يأنف أن يملك رقَّه شيء، وما زال الهوى يذل أهل العز.

وهذا الذل لا يحتمله ذو أنفة؛ فإن أهل الأنفة حملهم طلب علو القدر على قتل النفوس، وإجهاد الأبدان في طلب المعالي، ونحن نرى طالب العلم يسهر ويهجر اللذات؛ أنفة من أن يقال له: جاهل، والمسافر يركب الأخطار؛ لينال ما يرفع قدره من المال؛ حتى إن رُذالة الخَلْق ربما حملوا كثيراً من المشاق؛ ليصير لهم قدر؛ وهذا القائل يقول:

وكل امرىء قاتلٌ نفسَه ... على أن يقال له: إنه (٢)

فأما من لا يأنف الذل، وينقاد لموافقة هواه_فذاك خارج عن نطاق المتميزين.

(ل) التفكر في عيوب المحبوب: فمحبوبك ليس كما في نفسك؛ فأعمل فكرك في عيوبه تَسْلُ.

[*] (قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: فإن الآدمي محشو بالأنجاس والأقذار، وإنما يرى العاشق معشوقه في حال الكمال، ولا يصور له الهوى عيباً؛ لأن الحقائق لا تنكشف إلا مع الاعتدال، وسلطان الهوى حاكم جائر، يغطي المعايب فيرى العاشقُ القبيحَ من معشوقه حسناً (٣).

(وقال أيضاً: وقال الحكماء: عين الهوى عوراء.

وبهذا السبب يعرض الإنسان عن زوجته، ويؤثر عليها الأجنبية، وقد تكون الزوجة أحسن.

والسبب في ذلك أن عيوب الأجنبية لم تَبِنْ له، وقد تكشفها المخالطة.

ولهذا إذا خالط هذه المحبوبة الجديدة، وكشفت له المخالطة ما كان مستوراً ملَّ، وطلب أخرى إلى ما لا نهاية له (٤).

(وقال أيضاً: فاستعمال الفكر في بدن الآدمي، وما يحوي من القذارة، وما تستر الثياب من المستقبح يهون العشق؛ ولهذا قال ابن مسعود: إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مناتنها.

وقال بعض الحكماء: من وجد ريحاً كريهة من محبوبه سلاه، وكفى بالفكر في هذا الأمر دفعاً للعشق (٥).

قال أبو نصر بن نباتة:

ما كنت أعرف عيبَ من أحببتُه ... حتى سلوت فصرت لا أشتاق

وإذا أفاق الوجد واندمل الهوى ... رأت القلوب ولم تر الأحداق (٦)


(١) العبودية ص ١٠٠.
(٢) ذم الهوى ٤٧٩.
(٣) ذم الهوى ص ٤٨٦.
(٤) ذم الهوى ص ٤٨٦.
(٥) ذم الهوى ص ٤٨٦.
(٦) ذم الهوى ص ٤٨٦_٤٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>