للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأول: يتعلق بما يتوب منه، والأوسط: يتعلق بذات التائب، والثالث: يتعلق بمن يتوب إليه، فنصح التوبة: الصدقُ فيها والإخلاص وتعميم الذنوب بها، ولا ريب أن هذه التوبة تستلزم الاستغفار وتتضمنه وتمحو جميع الذنوب وهي أكمل ما يكون من التوبة.

وتوبة العبد إلى الله محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها وتوبة منه بعدها فتوبته بين توبتين من ربه سابقة ولاحقة فإنه تاب عليه:

أولاً: إذناً وتوفيقاً وإلهاماً، فتاب العبد، تاب الله عليه.

ثانياً: قبولاً وإثابة لقوله عز وجلّ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (التوبة: الآية ١١٨)

فأخبر سبحانه: أو توبته عليهم سبقت توبتهم ,أنها هي التي جعلتهم تائبين فكانت سببا مقتضيا لتوبتهم وهذا القدر من سر أسميه " الأول والآخرُ" فهو المعد والممد ومنه السبب والمسبب، والعبد تواب والله تواب، فتوبة العبد رجوعه إلى سيده بعد الأباق،

وتوبة الله نوعان:

إذن وتوفيق، وقبول وإمداد.

والتوبة لها مبدأ ومنتهي، فمبدؤها: الرجوع إلى الله بسلوك صراطه المستقيم الذي أمرهم بسلوكه بقوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} (الأنعام: من الآية ١٥٣)

ونهايتها: الرجوع إليه في المعاد وسلوك صراطه الذي نصبه موصلاً إلى جنته، فمن رجع إلى الله في هذه الدار بالتوبة رجع إليه في المعاد بالثواب، قال الله عز وجل: {وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} (الفرقان: الآية ٧١)

(فضائل التوبة:

التوبة شأنها عظيم، ونفعها عميم، لها فضائل لا تحصى، وثمراتٌ لا تعد، وله أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة، وهي طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، ومفزع المظلومين، وملجأ المستضعفين، به تُستجلب النعم، وبمثله تُستدفع النقم، وهو من أشرف العبادات و أجلّ الطاعات، سبب لتفريج الهموم وزوال الغموم، وانشراح الصدور، وتيسير الأمور، وهاك بعض فضائلها جملةً وتفصيلاً:

(أولاً: فضائل التوبة جملةً:

(١) التوبة سبب نيل محبة الله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>