هم التابعون بإحسان: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ [الحشر:١٠] وهنا يأتي الشاهد الآن: وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر:١٠] هذا من دعاء التابعين بإحسان، نسأل الله أن يجعلنا منهم (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر:١٠] لا تجعل في قلوبنا بغضاء ولا حقداً ولا حسداً ولا غلاً للذين آمنوا: رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:١٠].
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الله ابن وهب، حدثني مالك بن أنس، قال: أن رهباً كان بالشام، فلما رأى أوائل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين قدموا الشام ونظرآه، وقال: والذي نفسي بيده ما بلغ حواري عيسى بن مريم عليهما السلام الذين صلبوا على الخشب ونشروا بالمناشير من الاجتهاد ما بلغ أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال عبد الله ابن وهب: قلت لمالك بن أنس: تسميهم? فسمى أبا عبيدة، ومعاذاً، وبلالاً وسعد بن عبادة.
[*] وأخرج أبو نعيم في حلية الأولياء عن ابن مسعود قال: إن الله نظر في قلوب العباد فاختار محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبعثه إلى خلقه، فبعثه برسالته وانتخبه بعلمه، ثم نظر في قلوب الناس بعده فاختار الله له أصحابه فجعلهم أنصار دينه، ووزراء نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما رآه المؤمنون حسناً فهو حسن، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو قبيح.
فالصحابة لهم فضلٌ عظيم وأجرٌ جسيم على هذه الأمة لأنهم كانوا مثلاً أعلى في اتباع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولاسيما عهد الخلافة الراشدة ومنهاج النبوة خطوة لا بد منها في تحقيق الأهداف التي تسعى الأمة لتحقيقها في هذه الحياة، لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أمرنا بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده كما في الحديث الآتي:
(حديث العرباض بن سارية في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة.