للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك في قوله تعالى: ((وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) [آل عمران:١٠٢].

فهذا يتضمن الأمر بالدوام والاستمرار.

والمعنى: استقيموا واثبتوا على التقوى حتى يأتيكم الموت وأنتم على ذلك، كما في الحديث الآتي:

(حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فلتأته مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ.

الشاهد: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فلتأته مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ] أي يواظب على التقوى حتى الممات.

{تنبيه}: (ومن هنا يتضح أن الاستقامة هي المواظبة على التقوى حتى الممات.

(الأمور التي تُعِينُ على تحقيق الاستقامة؟

الاستقامة على أمر الله نعمة عظيمة، ودرجة رفيعة، ومنة عالية، فتحقيقها يحتاج إلى جد، واجتهاد، وصبر، واحتساب، ودعاء، وتضرع، وإخبات، وتوفيق، واحتراز.

وأهم المعينات على تحقيق ذلك بعد توفيق الله عز وجل ما يأتي:

أولاً: الدعاء والتضرع، وسؤالها بجد وإخلاص:

ولأهمية ذلك أمرنا بقراءة الفاتحة في كل ركعة، لما فيها من سؤال الصراط المستقيم المخالف لأصحاب الجحيم.

فالدعاء هو العبادة، وهو سلاح المستضعفين، وعدة الصالحين، ولا يعجز عنه إلا المخذولين، فالله سبحانه وتعالى مالك الهداية والاستقامة، فلا تُطلب إلا من مالكها.

ثانياً: الاشتغال بالعلم الشرعي:

فالعلم قائد والعمل تبع له: قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنّهُ لاَ إِلََهَ إِلا اللّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) [محمد: ١٩]، فأمر بالعلم قبل العمل. وينبغي أن يبدأ بصغار العلم قبل كباره، ويشرع في الأهم ثم المهم، وأن يتلقى من مشايخ أهل السنة الموثوق بدينهم وعقيدتهم وعلمهم، "إن هذا العلم دين، فانظروا ممن تأخذون دينكم"، كما قال مالك وغيره.

ثالثاً: الحرص على التمسك بالسنة:

إن الحرص على التمسك بالسنة هو سفينة النجاة، والحذر كل الحذر من البدع والاقتراب من المبتدعين، فإن ذلك هو الداء العظيم، والضلال المبين، بحكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الحديثين الآتيين: (

<<  <  ج: ص:  >  >>