للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديثُ معاذ ابن جبل في الصحيحين) قال: كنتُ رَدِيفَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على حمارٍ يُقَالُ له عُفَيْر، فقال لي يا معاذ: أتدري ما حقُ اللهِ على العبادِ وما حقُ العبادِ على الله؟ قلتُ الله ورسوله أعلم. قال فإن حق الله على العبادِ أن يعبدوه ولا يشرِكوا به شيئاً، وحقُ العبادِ على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً، قلتُ يا رسولَ الله أفلا أبشِّرْ به الناس؟ قال لا تبشرْهم فيتكلوا.

هذا دليل كما قال ابن رجب: قال العلماء: يؤخذ من منع معاذ من تبشير الناس لئلا يتكلوا أن أحاديث الرخص لا تشاع في عموم الناس لئلا يقصر فهمهم عن المراد بها،

[*] يقول ابن رجب: وقد سمعها معاذ فلم يزدد إلا اجتهاداً في العمل، وخشية لله عز وجل فأما من لم يبلغ منزلته فلا يأمن أن يقصر اتكالاً على ظاهر الخبر ..

ومعاذ من العشرة المبشرين بالجنة، وفقيه لا يخشى عليه ..

كذلك عثمان فقد قال عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم))،ماذا فعل .. ؟ ‍‍!، لقد ازداد في الخير والبر والطاعات، هذه النفوس الله يعلم لو بشرهم برضوانه فإنهم لن يتركوا الخير ولن ينتكسوا، لذلك فأحاديث الرخص لا تشاع في عموم الناس ففيهم قلة فقه في الدين ويحتاجون عند التفريط إلى التخويف ..

ثم إن الشرك شرك أكبر وأصغر وخفي، ومن الذين ينجو منه؟، ثم إن الحديث مقيد عند العلماء بالآيات و الأحاديث الأخرى التي فيها التعذيب على المعصية، وبعض العلماء حملوها على ترك دخول نار الشرك، لأن جهنم فيها دركات (نار الشرك، نار الكبائر، نار المعاصي ... ) حملوه حتى لا يفهم خطأ على أنه لا يدخل نار الشرك ..

القاعدة العامة: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا} [النساء: ١٢٣]، فالسلف خوفتهم هذه الآية جداً فلذلك كانوا يعملون ويخافون ..

ومن أحاديث الرجاء التي تقال لإنسان مذنب تاب، وبالرغم من التوبة صار عنده نوع من اليأس والإحباط ويرى ذنوبه كبيرة وليس هناك فائدة من العمل، فهو كما يظن محكوم عليه بالنار الحديث الآتي: (

<<  <  ج: ص:  >  >>