للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الخضوع والسكون. قال: {وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً}

[طه: ١٠٨] أي سكنت.

(والخشوع في الاصطلاح:

هو حضور القلب وخضوعه وانكساره بين يدي الله تعالى.

[*] قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله:

"أصل الخشوع لين القلب ورقنه وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته، فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء، لأنها تابعة له " [الخشوع لابن رجب، ص١٧] فالخشوع محله القلب ولسانه المعبر هو الجوارح. فمتى اجتمع في قلبك أخي في الله – صدق محبتك لله وأنسك به واستشعار قربك منه، ويقينك في ألوهيته وربوبيته، وحاجتك وفقرك إليه. متى اجتمع في قلبك ذلك ورثك الله الخشوع وأذاقك لذته ونعيمه تثبيتاً لك على الهدى، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: ١٧]

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:٦٩]

فاعلم أخي الكريم – أن الخشوع هو توفيق من الله جل وعلا، يوفق إليه الصادقين في عبادته، المخلصين المخبتين له، العاملين بأمره والمنتهين بنهيه. فمن لم يخشع قلبه بالخضوع لأوامر الله لا يتذوق لذة الخشوع ولا تذرف عيناه الدموع لقسوة قلبه وبعده عن الله. قال تعالى {ِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت:٤٥]،فالذي لن تنهه صلاته عن المنكر لا يعرف إلى الخشوع سبيلاُ، ومن كان حاله كذلك، فإنه وإن صلى لا يقيم الصلاة كما أمر الله جل وعلا، قال تعالى: {َاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: ٤٥]

واعلم أخي المسلم بأن الخشوع واجب على كل مصل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ويدل على وجوب الخشوع قول الله جل وعلا، قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون:١ - ٢]

[الفتاوى ٢٢/ ٢٥٤]

(فضل الخشوع:

(١) إن الله سبحانه قد امتدح الخاشعين في مواضع كثيرة من كتابه فقال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:٢،١]،

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

[*] و" الخشوع: هو السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع والحامل عليه الخوف من الله ومراقبته. " تفسير ابن كثير ط. دار الشعب ٦/ ٤١٤

وقال: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:٤٥]،

<<  <  ج: ص:  >  >>