للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفضل العبادات ما كان فيها الانكسار والذل الذي هو سرها ولبها. ولا يتحقق ذلك إلا بالخشوع.

الخشوع: يورث انكساراً بين يدي الرب، وحُرقةً من المعاصي والسيئات؛ لأن القلب إذا خشع سكنت خواطره، وترفعت عن الأمور الدنيئة همته، وتجرد من اتباع الهوى مسلكه،

الخشوع: يجعل العبد ينكسر ويخضع لله، ويزول ما فيه من التعاظم والترفع، والتعالي والترفع، والتعالي والتكبر، وتلك درجات في قلوب الناس تتفاوت بتفاوت الإيمان في قلوبهم، وسيطرة الإسلام على نفوسهم.

الخشوع: هو السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع والخضوع.

(٢) والخشوع علم نافع؛ لأن العلم النافع ما أوجب خشية القلوب، لذا: كان يستعيذ من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعوة لا تُسمع، فإن القلب الذي لا يخشع: علمه لا ينفع، ودعاؤه لا يسمع.

(حديث زيد ابن أرقم في صحيح مسلم) قال كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها.

(وهذا العلم النافع نادر وجوده سريع فقده

فهو أول ما يرفع من الأمة، كما جاء في الحديث الآتي:

(حديث أبي الدرداء رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا.

وبذهاب الخشوع تكون العبادة بغير روح، وهذا أمر يورث الخوف على القلب، وتفقده دائماً.

(٣) وفضائل الخشوع كثيرة: فهو يقرب القلب من الله، فيمتلئ نوراً، فينتفع صاحبه بآيات الله الشرعية، والكونية، ويكون له في كل نظرة عِبرة، وعَبْرة. ويقي صاحبه من غوائل العجب والغرور والإدلال والرياء. وبه تُستنزل رحمة الله (تعالى)،

وأعظمها: حصول البشرى ((وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ)) [الحج: ٣٤]،

وبه ينال الأجر العظيم، فالخشوع طريق الفلاح الموصل إلى الجنة: ((قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ)) [المؤمنون: ١، ٢]، ثم قال: ((أُوْلَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ * الَذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [المؤمنون: ١٠، ١١]

(حكم الخشوع:

والراجح في حكم الخشوع أنه واجب.

[*] قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>