للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ-قال تعالى: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (سورة التوبة، آية:٤٠).

[*] قال أبو عبد الله القرطبي: قال بعض العلماء في قوله تعالى: {ثاني اثنين إذ هما في الغار} ما يدل على أن الخليفة بعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لأن الخليفة لا يكون أبداً إلا ثانياً وسمعت شيخنا أبا العباس أحمد بن عمر يقول: إنما استحق أن يقال ثاني اثنين لقيامه بعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأمر كقيام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - به أولاً، وذلك أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما مات ارتدت العرب كلها ولم يبقى الإسلام إلا بالمدينة وجواثا (١)، فقام أبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام ويقاتلهم على الدخول في الدين كما فعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستحق من هذه الجهة أن يقال في حقه ثاني اثنين (٢).

{تنبيه}: هذه الآية الكريمة دلالة على أفضلية الصديق من سبعة أوجه ففي الآية الكريمة من فضائل أبي بكر - رضي الله عنه -:

١ - أن الكفار أخرجوه:

الكفار أخرجوا الرسول (ثاني أثنين) فلزم أن يكونوا أخرجوهما، وهذا هو الواقع.

٢ - أنه صاحبه الوحيد:

الذي كان معه حين نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا هو أبوبكر، وكان ثاني أثنين الله ثالثهما.

قوله {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} ففي المواضع التي لا يكون مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أكابر الصحابة إلا واحد يكون هو ذلك الواحد مثل سفره في الهجرة ومقامه يوم بدر في العريش لم يكن معه فيه إلا أبوبكر، ومثل خروجه الى قبائل العرب يدعوهم الى الإسلام كان يكون معه من أكابر الصحابة أبوبكر، وهذا اختصاص في الصحبة لم يكن لغيره باتفاق أهل المعرفة بأحوال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

٣ - أنه صاحبه في الغار:

الفضيلة في الغار ظاهرة بنص القرآن والسنة الصحيحة:


(١) جواثا: قرية بالبحرين. انظر: معجم البلدان (٢/ ١٧٤).
(٢) تفسير القرطبي (٨/ ١٤٧ - ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>