للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه دلالة الآية على أحقية الصديق بالإمامة بعد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الهجرة فعل شاق على النفس ومخالف للطبع فمن أقدم عليه أولاً صار قدوة لغيره في هذه الطاعة وكان ذلك مقوياً لقلب الرسول عليه الصلاة والسلام وسبباً لزوال الوحشة عن خاطره وكذلك السبق في النصرة فإن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قدم المدينة فلاشك أن الذين سبقوا إلى النصرة والخدمة فازوا بمنصب عظيم وإذا ثبت هذا فإن أسبق الناس إلى الهجرة أبو بكر الصديق فإنه كان في خدمة المصطفى عليه الصلاة والسلام وكان مصاحباً له في كل مسكن وموضع فكان نصيبه من هذا المنصب أعلى من نصيب غيره وإذا ثبت هذا صار محكوماً عليه بأنه رضي الله عنه ورضي هو عن الله وذلك في أعلى الدرجات من الفضل، وإذا ثبت هذا وجب أن يكون إماماً حقاً بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصارت هذه الآية من أدل الدلائل على فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وعلى صحة إمامتهما (١).

خ- قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور آية:٥٥).

هذه الآية منطبقة على خلافة الصديق - رضي الله عنه - وعلى خلافة الثلاثة بعده فلما وجدت هذه الصفة من الاستخلاف والتمكين في أمر أبي بكر وعمر وعثمان وعلي دل ذلك على أن خلافتهم حق (٢)، وقال الحافظ بن كثير: وقال بعض السلف خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حق في كتاب الله ثم تلا هذه الآية (٣).


(١) تفسير الرازي (١٦/ ١٦٨ - ١٦٩).
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٥/ ١٢١).
(٣) نفس المصدر (٥/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>