للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يُكره أن يُري الرجل من الخشوع أكثر مما في قلبه. ورأى بعضهم رجلا خاشع المنكبين والبدن فقال: يافلان، الخشوع هاهنا وأشار إلى صدره، لاهاهنا وأشار إلى منكبيه. [المدارج ١/ ٥٢١]

[*] وقال ابن القيم رحمه الله تعالى مبيّناً الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق: " خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم و الإجلال و الوقار و المهابة و الحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل و الخجل و الحب و الحياء و شهود نعم الله و جناياته هو، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح. و أما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع، و كان بعض الصحابة يقول: أعوذ بالله من خشوع النفاق، قيل له: و ما خشوع النفاق؟ قال: أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع. فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته، و سكن دخانها عن صدره، فانجلى الصدر و أشرق فيه نور العظمة فماتت شهوات النفس للخوف و الوقار الذي حشي به و خمدت الجوارح و توقر القلب و اطمأن إلى الله و ذكره بالسكينة التي نزلت عليه من ربه فصار مخبتا له، و المخبت المطمئن، فإن الخبت من الأرض ما اطمأن فاستنقع فيه الماء، فكذلك القلب المخبت قد خشع واطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستقر فيها، و علامته أن يسجد بين يدي ربه إجلالا له و ذلا و انكسارا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه عنها حتى يلقاه. فهذا خشوع الإيمان، وأما القلب المتكبر فإنه قد اهتز بتكبره و ربا فهو كبقعة رابية من الأرض لا يستقر عليها الماء.

و أما التماوت و خشوع النفاق فهو حال عند تكلف إسكان الجوارح تصنعا و مراءاة و نفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات و إرادات فهو يتخشع في الظاهر و حية الوادي و أسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة.

[كتاب الروح ص:٣١٤ ط. دار الفكر - الأردن.]

(الطرق الموصلة الخشوع:

إن مما يحصّل به المسلم الخشوع:

(١) تلقي أوامر الله (تعالى) بالقبول والامتثال، وعدم معارضتها بشهوة أو رأي.

(٢) الحرص على الإخلاص، وإخفاء الأعمال عن الخلق قدر المستطاع، ومطالعة عيوب النفس ونقائص الأعمال ومفسداتها من الكبر والعجب والرياء وضعف الصدق، والتقصير في إكمال العمل وإتمامه.

(٣) الإشفاق من رد الأعمال وعدم قبولها.

<<  <  ج: ص:  >  >>