{تنبيه}: (لا بدّ لنا من وقْفةٍ في قوله تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً}[الأنبياء: ٩٠]، من السَّهل أن ترجو رحمته دون أن تدفع الثَّمَن، ومن السَّهل أيضًا أن تقنط من رحمته لِجَهلٍ مسْتحْكِم ولكنّ البطولة أن تعبُدَهُ راجيًا وخائفًا، راغبًا وراهبًا، رغبةً ورهبةً الوضْع المتوازن يحتاج إلى بطولة، أما التطرّف فسهلٌ جدًّا أبٌ بإمكانه أن يكون سهلاً فَيُعْصَر، وبإمكانه أن يكون عنيفًا جدًّا، كلا الحالتين سهلةٌ على الأب، أما الأب الذي يرجو أولاده عطاءه، ويخافون غضبهُ في الوقت نفسه هذا أب مُرَبٍّ حكيم، وبالمقابل المؤمن الصادق يعبد الله رغبًا ورهبًا، إذا عرف من رحمته لا يطمع بها فَيُقصِّر، وإذا عرف من عقابه لا يدْفعُه العقاب إلى أن ييْأس، أكمل موقف قاله سيّدنا عمر: والله لو علمْتُ أنّ الله معذِّبٌ واحدًا لَخِفْتُ أن أكون أنا، ولو علمْتُ أنّ الله راحمًا واحدًا لرجَوْتُ أن أكون أنا.
لكنّ العلماء فرَّقوا بين الرغبة والرجاء، قالوا:«الرّجاء طمع والرغبة طلب»، طمعٌ وطلبٌ، أو الرجاء ثمرةُ الطَّمع، تطْمعُ فترْغَبُ فإنَّه إذا رجا الشيء طلبهُ، والرغبة من الرَّجاء كالهرب من الخوف، فمن رجا شيئًا طلبه ورغب فيه، ومن خاف شيئًا هرب منه. أهـ
أراد الآخرة وسعى لها سعيَها وهو مؤمن، يعني بِشَكلٍ أو بآخر إن لم يُتَرجم العلم إلى عمل فلا قيمة له، إن لم يُتَرجم الإيمان إلى سلوك فلا قيمة له، إن لم يُترْجم التوحيد إلى تقوى لا قيمة له:
وعالم بعِلْمه لم يعملَن ... مُعَذَّبٌ من قبل عبّاد الوثن