«المراقبة دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه» فاستدامته لهذا العلم واليقين: هي المراقبة وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيبٌ عليه ناظرٌ إليه سامعٌ لقوله وهو مطلعٌ على عمله كل وقت وكل لحظةٍ وكل نفسٍ وكلُ طرفةِ عينٍ، والغافل عن هذا بِمَعْزِلٍ عن حال أهل البدايات فكيف بحال المريدين فكيف بحال العارفين.
(قال الجريري: من لم يحكم بينه وبين الله تعالى التقوى والمراقبة: لم يصل إلى الكشف والمشاهدة.
(وقيل: من راقب الله في خواطره عصمه في حركات جوارحه.
(وقيل لبعضهم: متى يهش الراعي غنمه بعصاه عن مراتع الهلكة فقال: إذا علم أن عليه رقيبا.
(وقال الجنيد: من تحقق في المراقبة خاف على فوات لحظة من ربه لا غير.
علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله وتعظيم ما عظم الله وتصغير ما صغر الله.
(وقيل: الرجاء يحرك إلى الطاعة والخوف يبعد عن المعاصي والمراقبة تؤديك إلى طريق الحقائق.
(وقيل: المراقبة مراعاة القلب لملاحظة الحق مع كل خطرة وخطوة.
(وقال الجريري: أمرنا هذا مبني على فصلين: أن تلزم نفسك المراقبة لله وأن يكون العلم على ظاهرك قائما.
(وقال إبراهيم الخواص: المراقبة خلوص السر والعلانية لله عز وجل.
(وقيل: أفضل ما يلزم الإنسان نفسه في هذه الطريق: المحاسبة والمراقبة وسياسة عمله بالعلم.
(وقال أبو حفص لأبي عثمان النيسابوري: إذا جلست للناس فكن واعظا لقلبك ولنفسك ولا يغرنك اجتماعهم عليك «فإنهم يراقبون ظاهرك والله يراقب باطنك»
وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر: سبب لحفظها في حركات الظواهر فمن راقب الله في سره: حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته و المراقبة هي التعبد باسمه الرقيب الحفيظ العليم السميع البصير فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها: حصلت له المراقبة والله أعلم.
(ولله درُ من قال:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل على رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما يخفى عليه يغيب
(من روائع القصص في المراقبة:
(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر، فدخلوا في غار في جبل، فانحطت عليهم صخرة، قال: فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه.