وكان من الصحابة المتوكلين عمران بن حصين وهو من سادات المتوكلين، رضي الله عنه، الذي كان به بواسير وكان يصبر على ألمها فكانت الملائكة تسلم عليه فاكتوى فانقطع تسليم الملائكة عليه ثم ترك الكي وصبر على الألم فعاد سلام الملائكة عليه.
(٢) التوكل على الله صفة علية من صفات عباد الرحمن وشعار يتميزون به عمن سواهم وعلامة بارزة لأهل الإيمان كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: ٢].
لا يرجون سواه ولا يقصدون إلا إياه ولا يلوذون إلا بجنابه ولا يطلبون الحوائج إلا منه ولا يرغبون إلا إليه ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه المتصرف بالملك لا شريك له ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب كما قال ابن كثير رحمه الله،
[*] وقال سعيد بن جبير: التوكل على الله جماع الإيمان.
وقال عز وجل عن أوليائه إبراهيم والذين آمنوا معه: (رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: ٤]. أي توكلنا عليك في جميع أمورنا وسلمناها إليك وفوضناها إليك.
ولقوة إيمانهم وتوكلهم أمر الله أن نتخذهم أسوة حسنة {إبراهيم والذين آمنوا معه} هكذا توكلوا على الله وسلموا لله الأمور تسليماً مطلقاً. صحبوا التوكل في جميع أمورهم مع بذل جهد في رضا الرحمن.
وأصحاب نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة أحد الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل،
(حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:{حسبنا الله ونعم الوكيل}. قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قالوا:{إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}.
فالتوكل هو عدة المؤمنين يوم يتوعدهم الناس ويخوفونهم بكثرة الأعداء. فكان أول شيء وآخر شيء قاله إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل.