وقال تعالى: (({وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} * {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}[الأحزاب: ٣]، توكل على الله في جميع أحوالك وأمورك فهذا التوجيه لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليتوكل على الله ويتقيه ويعبده ويتبع ما يوحى إليه من ربه فهو أمر له ولأمته من بعده إلى يوم القيامة.
(المقام الثاني مقام الدعوة:
فجاء الخطاب لرسول الله والأصل هو خطاب لأمته إلا إذا دل الدليل على تخصيص له قال تعالى:{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة: ١٢٩]
فهو الذي تنتهي إليه القوة والملك والعظمة والجاه وهو حسب من لاذ به ويكفي من استجار به ويدفع عنه الشر عز وجل ويحميه، ونوح عليه السلام أيضاً في مجال الدعوة:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ}[يونس: ٧١]
فهذه الدعوة من نوح عليه السلام والإنذار الطويل والتذكير المستمر الذي رافقه وقابله من قومه تكذيب وإعراض بعدما بلغ الضيق منه توكل على الله وفوض الأمر إليه وهو ماضٍ في الدعوة. إذاً الداعية إلى الله إذا جُوبه بالإعراض من المدعوين والصدود والرد وعدم الاستجابة فإنه يتوكل على الله والله يكفيه شر هؤلاء المعرضين. ويوسع صدره الذي ضيقوه بإعراضهم.