للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٨) وخص في الانتفاع بآياته أهل الصبر، وأهل الشكر، تمييزاً لهم بهذا الحظ الموفور، فقال في أربع آيات من كتابه جل وعلا: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} (من الآيات: إبراهيم: ٥، لقمان ٣١، سبأ ١٩، الشورى ٣٣)

(٩) أخبر الله تعالى عن مضاعفة الأجر للصابرين قال تعالى: (أُوْلََئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مّرّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ) [القصص: ٥٤]

(١٠) وجعل الصبر سبحانه وتعالى عوناً وعدة وأمر بالاستعانة به، قال تعالى: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ وَإِنّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة: ٤٥]

(١١) وعلّق النصر على الصبر والتقوى قال تعالى: (بَلَىَ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مّن فَوْرِهِمْ هََذَا يُمْدِدْكُمْ رَبّكُمْ بِخَمْسَةِ آلآفٍ مّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوّمِينَ) [آل عمران: ١٢٥]

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: النصر مع الصبر و الفرج مع الكرب: و إن مع العسر يسرا.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(النصر) من اللّه للعبد على أعداء دينه ودنياه إنما يكون

(مع الصبر) على الطاعة وعن المعصية فهما أخوان شقيقان متلازمان والثاني بسبب الأول وقد أخبر اللّه أنه مع الصابرين أي بهدايته ونصره المبين قال {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} ومن خيريته لهم كونه سبباً لنصرهم على أعدائهم وأنفسهم ولهذا لا يحصل الظفر لمن انتصر لنفسه غالباً [ص ٢٩٩] قال بعض العارفين: الصبر أنصر لصاحبه من الرجال ومحله من الظفر محل الرأس من الجسد

(والفرج) يحصل سريعاً

(مع الكرب) فلا يدوم معه الكرب فعلى من نزل به أن يكون صابراً محتسباً راجياً سرعة الفرج حسن الظن بربه فإنه أرحم من كل راحم

(وإن مع العسر يسرا) كما نطق به القرآن مرتين ولن يغلب عسر يسرين لأن النكرة إذا أعيدت تكون غير الأولى والمعرفة عينها غالباً قال البعض: وجعل مع على بابها هو الظاهر إذ أواخر أوقات الصبر والكرب والعسر أوائل أوقات مقابلها فتحققت المقارنة وقيل إن نظر للعلم الأزلي فهي متقارنة إذ لا ترتب فيه أو للوجود الحقيقي فمع بمعنى بعد لأن بينهما تضاداً فلا تتصور المقارنة اهـ. وأطيل في رده بما لا يلاقيه عند التأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>