(٢٤) والصبر آخية المؤمن التي يجول ثم يرجع إليها، وساقُ إيمانه التي لا اعتماد له إلا عليها، فلا إيمان لمن لا صبر له، وإن كان فإيمان قليل في غاية الضعف، وصاحبه ممن يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ولم يحظ منها إلا بالصفقة الخاسرة، فخير عيش أدركه السعداء بصبرهم، وترقوا إلى أعلي المنازل بشكرهم فساروا بين جناحي الصبر والشكر إلى جنات النعيم، لقوله تعالى:{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الحديد: من الآية ٢١)
(الأخبار الواردة في فضيلة الصبر:
إن الذي يمعن النظر في السنة الصحيحة يجد أن السنة الصحيحة طافحةٌ بما يدل على فضيلة الصبر منها ما يلي:
(حديث أم سلمة الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون قالت فلما مات أبو سلمة أتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات قال قولي اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة قالت فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه محمدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من يرد الله به خيرا يصب منه.
(حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين) قال: دخلت على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يوعك فمسسته بيدي فقلت يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم قال فقلت ذلك أن لك أجرين فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أجل ثم قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سيئاته كما تحط الشجرة ورقها.
(حديث سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه و إن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض و ما عليه خطيئة.