للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك فالله ينزل المعونة على قدر البلاء، والله لا يخلف الميعاد، قال تعالى: (فَاصْبِرْ إِنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ وَلاَ يَسْتَخِفّنّكَ الّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ) [الروم: ٦٠] والفجر ينبلج ولو بعد ليل طويل ..

إن نبي الله يعقوب صبر على فقد يوسف والولد الثاني، وقال: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [يوسف -: ١٨]} لا تسخّط فيه ولا جزع، وقال: {عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً}، فبعض الناس يصبرون صبراً غير جميل، والصبر الجميل ليس فيه تشكّي للمخلوقين، قال تعالى: (قَالَ إِنّمَآ أَشْكُو بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [يوسف: ٨٦]

أَشْكُو بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ: أي وليس إليكم.

(٥) الاستعانة بالله تعالى واللجوء إلى حماه وطلبة معونته سبحانه، قالها موسى لقومه: (قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُوَاْ إِنّ الأرْضَ للّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ) [الأعراف: ١٢٨]،

وحاجة الصابرين إلى الاستعانة عظيمة جداً ولذلك كان التوكل جانباً للمعونة من الله قال تعالى: (الّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ) [النحل: ٤٢]

الإيمان بالقضاء والقدر من أعظم ما يعين على الصبر، وأن يعلم العبد أن قضاء الله نافذ وأن يستسلم لما قضاه وقدره مما لا حيلة له به، قال تعالى: (مَآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِيَ أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نّبْرَأَهَآ إِنّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ) [الحديد: ٢٢]،

ثم إن العبد يعلم أن الجزع والهلع والتبرم والاعتراض والتشكّي والتضجر لا يجدي شيئاً ولا يعيد مفقوداً فلا حلّ إلا بالصبر، والعاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد سبعة أيام .. !، أي يستسلم.

(٦) التأمل في قصص الصابرين من أعظم الأسباب المعينة على الصبر:

فهذا نوحٌ عليه السلام صبر في دعوته لقومه صبراً عظيماً دام ألف سنة إلا خمسين عاماً جاهد ودعوة، وصبر على الإيذاء والسخرية، اتهموه بالجنون والسحر والضلال وهو يقابل ذلك بالصبر حتى قالوا: قال تعالى: (قَالُواْ لَئِنْ لّمْ تَنْتَهِ يَنُوحُ لَتَكُونَنّ مِنَ الْمُجْرِمِينَ) [الشعراء: ١١٦] وصبر ..

<<  <  ج: ص:  >  >>