للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لينال أحمد رحمه الله أعظم العذاب بالضرب على أيديهم، ثم يقول الخليفة علامَ تقتل نفسك إني عليك لشفيق وجعل ذلك القائم على رأسه الحارس ينخسه بالسيف، وذاك يقول ويحك يا أحمد ما أجبتني، أجبني إلى أي شيء يكون لك فيه فرج حتى أطلقك فيقول: يا أمير المؤمنين أعطني شيئاً من كتاب الله ومن سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يأتي الجلاد ويضرب وهكذا تستمر عملية الضرب حتى قال ذهب عقلي فأفقت والأقياد في يدي فقال لي رجل كببناك على وجهك وجعلنا فوقك حصيراً ووطئنا عليك فقال ماشعرت بذلك، أتوني بأكل فقلت لا أفطر وكان صائماً، ثم جاؤوا به والدم يسيل في ثوبه فصلى فقال أحدهم: صليت والدم يسيل في ثوبك؟ قال أحمد: صلى عمر وجرحه يثعب دماً، ثم مكث في السجن ثم خُلّي عنه بعد ٢٨ شهراً، ثم جُعِل في الإقامة الجبرية، في بيته، وليس هناك أصعب على العالم من أن يتوقف عن نشر العلم، سئل أحدهم عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: رجل هانت عليه نفسه في سبيل الله فبذلها كما هانت على بلال نفسه، لولا أحمد لذهب الإسلام.

فيا ضعيف العزم الطريق طويل .. تعب فيه آدم .. وجاهد فيه نوح .. وألقي في النار إبراهيم .. واضطجع للذبح إسماعيل .. وشق بالمنشار زكريا وذبح الحصور يحيى وقاسى الضر أيوب وزاد على المقدار بكاء داود، واتهم بالسحر والجنون نبي الله الكريم وكسرت رباعيته وشج رأسه ووجهه وقُتِل عمر مطعوناً وذو النورين علي والحسين وسعيد بن جبير وعذب ابن المسيب ومالك .. ، فالشاهد أنه في النهاية لا سبيل إلا الصبر ..

(ولذلك يقول عمر رضي الله عنه: ((أدركنا أفضل عيشنا بالصبر))،يعني ما طابت الحياة إلا بالصبر مع مافيها من المنغصات والشدائد، فهو العمل القلبي الذي تطيب معه الحياة ولا تطيب بدونه، ولذلك ينبغي على العبد أن لا يفعل شيئاً ينافي الصبر، مثل شكوى الخالق للمخلوق والتبرم والتضجر فإما أن يخبر الإنسان الطبيب بعلته ليداويه فلا بأس ..

والأنين .. الألم .. ما يحدث من صوت من المريض المتألم .. ، هناك أنين استراحة وتفريح فلا يكره، وأنين شكوى فيكره ففيه تفصيله ..

ومما ينافي الصبر ما يحدث من النائحات وغيرهم وحتى من الرجال الآن من لطم الرأس والخد و ضرب الوجه باليدين والكفين والنياحة .. واويلاه .. واثبوراه ..

<<  <  ج: ص:  >  >>