فلو قال أحدهم: أنا أرضى بالقانون الوضعيّ يحكم بيننا .. هذا لا يمكن أن ينطبق عليه أنه يؤمن بالله ربا .. !! إذاً هناك أناسٌ يدّعون الرضا بالله ثم يخالفون في تعاملاتهم قاعدةً و أساساً من أعظم الأسس .. ، فإذا رضيت بالله رباً: يجب أن ترضى به حَكَماً
قال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ للّهِ) [الأنعام: ٥٧] و من خصائصه سبحانه: أن التحكيم و الحُكْمَ له سبحانه وحده ..
ثم إذا تأملتَ هذه الأمور عرفتَ أن كثيراً من الناس يدّعون الرضا بالله رباً و بالإسلام ديناً و بمحمدٍ نبياً ثم هنا يخالفون حكم الله و يرضون بحكم غيره و يخالفون السنّة و هناك يميلون و يوالون أصحاب دياناتٍ أخرى، فأين هم من هذه الثلاثة؟؟!!
و القرآن مليءٌ بوصف المشركين أنهم اتخذوا من دون الله أولياء!! من تمام الإيمان صحة الموالاة و مدار الإسلام على أن يرضى العبد بعبادة الله وحده و يسخط عبادة غيره .. ،
(الفرق بين الرضا بالله والرضا عن الله:
(الرضا بالله: الرضا بأنه الله و أنه المعبود فقط لا غيره و أن الحكم له فقط لا لغيره و أن نرضى بما شرع. و لا يمكن أن يدخل فيه المؤمن و الكافر معاً، لا يكون إلا للمؤمن فقط.
(الرضا عن الله: أي: ترضى بما قضى و قدّر .. تكون راضياً عن ربك فيما أحدث لك و خلَق من المقادير .. و يدخل فيه المؤمن و الكافر ..
(ولابد من اجتماع الأمرين معاً: الرضا بالله و لرضا عن الله، و الرضا بالله أعلى شأناً و أرفع قدراً؛ لأنها مختصّةٌ بالمؤمنين. و الرضا عن الله مشتركةٌ بين المؤمن و الكافر؛ لأن الرضا بالقضاء قد يصح من المؤمن و الكافر، فقد تجد تصرّف كافرٍ فتقول: هذا راضٍ بالقضاء و مسلّم و لا اعتراض عنده، لكنه لم يرضَ بالله رباً.
فالرضا بالله رباً آكد الفروض باتفاق الأمّة .. فمن لا يرضى بالله رباً فلا يصح له إسلامٌ و لا عملٌ لأنه من المعلوم شرعا أن التوحيد مقدمٌ على العمل والأصلُ الذي يترتبُ عليه غيره إذ لا ينفع مع الشركِ عمل.
(حكم الرضا بالقضاء:
مسألة: ما حكم الرضا بالقضاء؟
يجب التفصيل أولاً في قضيّة القضاء:
(١) قضاءٌ شرعيٌّ: و هو ما شرعه الله لعباده قال تعالى: (وَقَضَىَ رَبّكَ أَلاّ تَعْبُدُوَاْ إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الإسراء: ٢٣]
قضى علينا و شرع .. قد يلتزم العباد به و قد لا يلتزمون به ..