للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب بعض العلماء إلى أخ له: أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله مالا نحصيه من كثرة ما نعصيه، فما ندرى أيهما نشكر، أجميل ما يَسّر، أم قبيح ما ستر؟!.

(وفصل الخطاب في الشكر بالجوارح؛ العمل الصالح، فعند بلوغ الأربعين يجتهد الإنسان في عمل الصالحات، قال تعالى: (حَتّىَ إِذَا بَلَغَ أَشُدّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِيَ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ الّتِيَ أَنْعَمْتَ عَلَيّ وَعَلَىَ وَالِدَيّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ) [الأحقاف: ١٥]، فسأل الله العمل الصالح عقب سؤاله التوفيق على شكر نعمته يعني أن الشكر باللسان وحده لا يكفي.

ومن وسائل الشكر بالجوارح الحديث الآتي:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة و كل تحميدة صدقة و كل تهليلة صدقة و كل تكبيرة صدقة و أمر بالمعروف صدقة و نهي عن المنكر صدقة و يجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى.

فكيف يؤدي شكر ثلاث مائة وستين مفصل؟، كل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وعدد المفاصل ثلاث مائة وستين إذا شكرها المرء [أمسى يومه وقد زحزح عن النار].

والصدقات كثيرة جمعها ابن رجب في شرحه الأربعين النووية [الصدقات البدنية- المالية-الخبرة من تعليم صنعة أو تصنع لأخرق- التفهيم – التعليم – الوقت – الجاه ... ]، فذو القرنين مثلاً علم شعباً جاهلاً صناعة السدود حتى تقيهم شر أعدائهم.

المقصود أن المسلم عليه أن يشكر ربه بجوارحه بسائر أنواع الصدقات وكل معروف صدقة ولا يغني شكر يوم عن يوم آخر.

وليس هناك تعارض بين شكر الله وشكر الناس، لأن الله أمر بشكر الناس، وهو سبحانه الذي أرشدنا إلى شكر الناس إذا صنعوا لنا معروفاً أن نكافئهم وأولهم الوالدين قال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) [لقمان: ١٤]

(حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من لا يشكر الناس لا يشكر الله.

فليس شكر المخلوق قادحاً في شكر الخالق بل المشكلة فيمن يشكر المخلوق ولا يشكر الخالق وهذه هي المصيبة، وهناك فرق بين شكر العبد وشكر الرب، فشكر الرب فيه خضوع وذل وعبودية ولا يجوز لشكر العبد أن تعبده وإنما تعطيه شيء مقابل شيء، وتدعو له وتثني عليه ..

<<  <  ج: ص:  >  >>