للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما دخل ابو حامد الخلقاني على إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى .. قال أبو حامد وهو ينظرإالى الإمام: إن قال لي يوما أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب عن خلقى وبالعصيان تأتيني فما قولي له لما يعاتبني ويقصيني. فنظرإليه الإمام وقال: أَعِدْهَا بالله عليك فكرر له الأبيات فدخل الإمام داره وهو يبكي ويردد تلك الأبيات.

(فضل الحياء:

مسألة: ما هو فضل الحياء؟

خلق الحياء فإنه من أفضلِ الصفات وأجلَّ القربات، فالحياء خصلة حميدة، تكف صاحبها عما لا يليق والحياءُ لا يأتي إلا بخير، والحياء قرين الإيمان فإذا نزع أحدهما نزع الآخر، وهو مما أدركنا من كلام النبوة الأولى. وما انتشرت الفواحش والمعاصي والذنوب إلا بسبب نزع الحياء من قلوب الخلق، والحياء له فضلٌ عظيم وأجرٌ جسيم، فهو نعمةٌ عظيمة، وَمِنَّةٌ جسيمة، نعمة كبرى، ومنحة عظمى، شأنه عظيم، ونفعه عميم، له فضائل لا تحصى، وثمرات لا تعد، وله أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة، وهو طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، وهو من أشرف العبادات و أجلّ الطاعات، وإليك غيض من فيض ونقطة من بحر مما ورد في فضل الحياء:

(أولا: الحياء صفة من صفات الله تعالى:

ولو لم يكن للحياء فضل سوى أنه صفةٌ من صفات الله عز وجل لكفى, فالله سبحانه وتعالى حييٌ ستير يستحيي من خلقه, والخلق لا يستحيون منه إلا من رحم ربي, خيره إلينا نازل, وشرنا إليه صاعد, رحماته تتنزل علينا وذنوبنا ترفع إليه, يتحبب إلينا بالنعم وهو الغني عنا, ونتبغض إليه بالمعاصي ونحن أحوج إليه بل ولا نستغني عنه طرفة عين , ومع ذلك إذا رفعنا إليه أكف الضراعة غفر الذنب وفرح بالتوبة إليه، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

((حديث سلمان الثابت في صحيح أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا.

(قال ابن القيم رحمه الله:

ومن اتصف بصفة من صفات الله عز وجل قادته تلك الصفة الى ربه فأدخلته عليه وقربته من رحمته".

(ثانياً الحياء شعبةٌ من الإيمان:

<<  <  ج: ص:  >  >>