للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الدرجة الأولى من درجات الحياء: أن تبغض إليك المعصية، فإذا علمت أن الله قريب منك فسيحملك هذا على استقباح الجناية، فتنظر إلى أدنى ذنب بأنه كبير في حق الله عز وجل؛ لأنك تعلم أن الله ناظر إليك في كل لحظة، وأنت مقيم على معصيته وعلى مخالفة أمره دق أو جل، صغر أم كبر، فقل: يا رب! أتراك ترحم من لم تقر عيناه بالمعاصي حتى علم أن لا عين تراه غيرك! فلا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى كبرياء من واجهته بها. فالدرجة الأولى من الحياء تبغض إليك المعصية، وتحملك على استقباح الجناية، وتمنعك عن الشكوى لغير الله عز وجل، إلى درجة أن إحدى العابدات عندما جاءت إلى الإمام أحمد تسأله الأسئلة التي لا يسأل عنها العلماء اليوم، فقالت له: يا إمام! أنين المريض شكوى؟ قال: ما سمعت مثل هذا السؤال من قبل، ونرجو ألا يكون كذلك، قالت: يا إمام! إذا مرت الظاهرية ـ وهم أناس من الأمراء الظلمة ـ غزلنا غزلنا على ضوئها، فهل نبينه للناس، قال: افعلي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ثم قال لابنه عبد الله: تتبعها إلى أي البيوت تدخل، فقال له: دخلت في بيت بشر، قال: من بيتهم خرج الورع. فالإمام أحمد غابت عنه هذه المسألة، حتى كان في مرض الموت، فقيل له: إن طاوساً يقول: أنين المريض شكوى، وفي البداية كان الإمام أحمد يقول: نرجو ألا يكون كذلك، فغابت عنه هذه المسألة، ثم فهمها الإمام عند الموت، فما أنَّ ابن حنبل حتى مات، ولذلك تجد العباد يقولون: تفقهوا في مذاهب الإخلاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>