للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيؤثر الحياء من الله عز وجل على الحياء من الناس. فالحياء الشرعي لا يمنعك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما الذي يمنعك شيء آخر غير الحياء، وهو الجبن والخوف والهلع، فتركك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حياء من الناس ليس من الحياء في شيء، بل هو من الخور والهلع والجبن.

(حياء الله تعالى:

من صفات الله تعالى أنه حَيِي سِتِّيرٌ، يحب الحياء والستر، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

((حديث يعلى الثابت في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله حَييٌ سِتير يحبُ الحياءَ والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر.

(من استحيا من الله استحيا الله تعالى منه:

(حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه الثابت في الصحيحين): أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأما أحدهما: فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر: فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه).

مسألة: ما معنى حياء الله تعالى من عبده؟

حياء الرب من عبده حياء كرم وبر وجود وجلال، فإنه تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً.

((حديث سلمان الثابت في صحيح أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا.

(حياء الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشد الناس حياءً، وكان إذا كره شيئًا عرفه الصحابة في وجهه. وكان إذا بلغه عن أحد من المسلمين ما يكرهه لم يوجه له الكلام، ولم يقل: ما بال فلان فعل كذا وكذا، بل كان يقول: ما بال أقوام يصنعون كذا، دون أن يذكر اسم أحد حتى لا يفضحه، ولم يكن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخابًا (لا يحدث ضجيجًا) في الأسواق.

<<  <  ج: ص:  >  >>