للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذاً: هذا هو المنهج الشامل للسلف الصالح -رحمهم الله- أهل السنة والجماعة بجانبيه العقدي والأخلاقي، وبقدر ما يحصل من النقص في أحدهما يكون النقص في الالتزام بهذا المنهج العظيم، ولذلك يمكن أن يوجد في الواقع طلبة علم جيدون من جهة العقيدة والتفسير ومصطلح الحديث وأصول الفقه واللغة العربية ونحو ذلك، لكنهم في جانب الأخلاق ليسوا بذاك، فلا شك أن في هؤلاء نقصاً بحسب ما نقص من أخلاقهم. وموضوع الأخلاق موضوع خطير؛ لأنه يمكن أن يقدم بحسن الأخلاق منهج مسموم، كما يمكن أن يعرض الناس بسوء الخلق عن المنهج السليم.

((الخلق والدين:

إن حسن الخلق من أهم عوامل النجاح؛ فإن كثيراً من الناس لا ينظرون إلى معتقدك ولا إلى عبادتك، وإنما ينظرون إلى خلقك أولاً، فإذا أعجبهم أخذوا عنك العقيدة والأخلاق والعبادة والعلم، وإذا لم يعجبهم تركوك وما أنت عليه من العلم، فإذاً لابد من الخلق، ويكفينا أن الله تعالى قال لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:٤]

قال ابن عباس و مجاهد: لعلى دينٍ عظيم وهو دين الإسلام. فالخلق أطلق على الدين كله، وهو ما كان يأمر به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمر الله وينهى عنه من نهي الله، والمعنى: إنك لعلى الخلق الذي آثرك الله به في القرآن، ولذلك كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُلُقُه القرآن بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:

((حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الجامع) قالت: كان خُلُقٌه القرآن.

[*] قال المناوي في فيض القدير:

أي ما دل عليه القرآن من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده إلى غير ذلك. وقال القاضي: أي خلقه كان جميع ما حصل في القرآن. فإن كل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه فقد تحلى به، وكل ما استهجنه ونهى عنه تجنبه وتخلى عنه. فكان القرآن بيان خلقه. انتهى. وقال في الديباج: معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته.

<<  <  ج: ص:  >  >>