للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الخبر يوقفنا على الينبوع المتدفق، الذي استمد منه عمر علمه وتربيته وثقافته، وهو كتاب الله الحكيم، الذي كان ينزل على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منجماً على حسب الوقائع والأحداث، وكان الرسول يقرأه على أصحابه، الذين وقفوا على معانيه، وتعمقوا في فهمه، وتأثروا بمبادئه، وكان له عميق الأثر في نفوسهم وعقولهم وقلوبهم وأرواحهم وكان عمر واحداً من هؤلاء الذين تأثروا بالمنهج القرآني في التربية والتعليم، وظل عمر ملازماً للرسول يتلقى عنه ما أنزل عليه، حتى تم له حفظ جميع آياته وسوره، وقد أقرأه الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعضه وحرص على الرواية التي أقرأه بها الرسول (١) وكان لعمر أحياناً شرف السبق إلى سماع بعض آياته فور نزوله كما عني بمراجعة محفوظه منه (٢)، فقد تربى عمر رضي الله عنه على المنهج القرآني وكان المربي له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، و كان عمر شديد الحرص على ملازمة رسول الله وكان رضي الله عنه إذا جلس إلى رسول الله لم يترك المجلس حتى ينفض، فهو واحد من الجمع القليل الذي لم يترك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يخطب حين قدمت عير إلى المدينة (٣)، وكان يجلس في حلقات ودروس ومواعظ رسول الله نشطاً يستوضح، ويستفهم، ويلقي الأسئلة بين يدي رسول الله في الشؤون الخاصة والعامة (٤)، ولذلك فقد روى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خمسمائة حديث وتسعة وثلاثين حديثاً (٥)، وفي رواية: خمسمائة وسبعة وثلاثين حديثاً (٦)، اتفق الشيخان في صحيحيهما على ستة وعشرين منها، وانفرد البخاري بأربعة وثلاثين ومسلم بواحد وعشرين (٧)، والبقية في كتب الأحاديث الأخرى (٨)،


(١) نفس المصدر ص٨٨.
(٢) نفس المصدر ص٨٨.
(٣) الإحسان في تقريب صحيح بن حبان (١٥/ ٣٠٠) مسلم رقم ٨٦٣.
(٤) انظر: عمر بن الخطاب، د. علي الخطيب ص ١٠٨.
(٥) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص١٣٣.
(٦) انظر: عمر بن الخطاب، د. علي الخطيب ص ١٠٩.
(٧) دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (١/ ٤٠).
(٨) عمر بن الخطاب د. علي الخطيب ص ١٠٩ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>