وحقيقة المروءة تجنب للدنايا والرذائل من الأقوال والأخلاق والأعمال،
(فمروءة اللسان: حلاوته وطيبه ولينه واجتناء الثمار منه بسهولة ويسر.
(ومروءة الخلق: سعته وبسطه للحبيب والبغيض.
(ومروءة المال: الإصابة ببذله مواقعه المحمودة عقلا وعرفا وشرعا.
(ومروءة الجاه: بذله للمحتاج إليه.
(ومروءة الإحسان: تعجيله وتيسيره وتوفيره وعدم رؤيته حال وقوعه ونسيانه بعد وقوعه فهذه مروءة البذل وأما مروءة الترك: فترك الخصام والمعاتبة والمطالبة والمماراة والإغضاء عن عيب ما يأخذه من حقك وترك الاستقصاء في طلبه والتغافل عن عثرات الناس وإشعارهم أنك لا تعلم لأحد منهم عثرة والتوقير للكبير وحفظ حرمة النظير ورعاية أدب الصغير.
مسألة: ما هي درجات المروءة؟
((قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:
وهي على ثلاث درجات:
(الدرجة الأولى: مروءة المرء مع نفسه وهي أن يحملها قسرا على ما يجمل ويزين وترك ما يدنس ويشين ليصير لها مَلَكة في العلانية فمن أراد شيئا في سره وخلوته: ملكه في جهره وعلانيته فلا يكشف عورته في الخلوة ولا يتجشأ بصوت مزعج ما وجد إلى خلافه سبيلا ولا يخرج الريح بصوت وهو يقدر على خلافه ولا يجشع وينهم عند أكله وحده وبالجملة: «فلا يفعل خاليا ما يستحي من فعله في الملإ» إلا مالا يحظره الشرع والعقل ولا يكون إلا في الخلوة كالجماع والتخلي ونحو ذلك.
(الدرجة الثانية: المروءة مع الخلق بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء والخلق الجميل ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه وليتخذ الناس مرآة لنفسه فكل ما كرهه ونفر عنه من قول أو فعل أو خلق فليجتنبه وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله وصاحب هذه البصيرة ينتفع بكل من خالطه وصاحبه من كامل وناقص وسيء الخلق وحسنه وعديم المروءة وغزيرها، وكثير من الناس يتعلم المروءة ومكارم الأخلاق من الموصوفين بأضدادها كما روي عن بعض الأكابر: أنه كان له مملوك سيء الخلق فظ غليظ لا يناسبه فسئل عن ذلك فقال: أدرس عليه مكارم الأخلاق وهذا يكون بمعرفة مكارم الأخلاق في ضد أخلاقه ويكون بتمرين النفس على مصاحبته ومعاشرته والصبر عليه.