أخرج الإِمام الشافعي في مسنده (ص ٤٧) عن نافع بن عبد الحارث قال: قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكة، فدخل دار النَّدْوة في يوم الجمعة، وأراد أن يستقرب منها الرواح إِلى المسجد، فألقى رداءه على واقف في البيت، فنقع عليه طير من هذا الحمام فأطاره، فانتهزته حيّة فقتلته. فلما صلَّى الجمعة دخلت عليه أنا وعثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: إحكما عليّ في شيء صنعته اليوم: إني دخلت هذه الدار وأردت أن أستقرب منها الرواح إلى المسجد، فألقيت ردائي على هذا الواقف، فوقع عليه طير من هذا الحمام، فخشيت أن يطلخه بسَلْحه فأَطرته عنه، فوقع على (ظهر) هذا الواقف الآخر، فانتهزته حيّة فقتلته. فوجدت في نفسي أني أطرته من منزل كان فيه آمناً إِلى موقعة كان فيها حتفه. فقلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه: كيف ترى في عنزٍ ثنيةٍ عفراء تحكم بها على أمير المؤمنين؟ فقال: إني أرى ذلك، فأمر بها عمر رضي الله عنه.
قصة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع عربية ومولاة لها:
وأخرج البيهقي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده قال: أتت علياً رضي الله عنه إمرأتان تسألانه عربية ومولاة لها، فأمر لكل واحدة منهما بُكُرَ من طعام، وأربعين درهماً، أربعين درهماً. فأخذت المولاة الذي أعطيت وذهبت. وقالت العربية: يا أمير المؤمنين تعطيني مثل الذي أعطيت هذه وأنا عربية وهي مولاة؟ قال لها علي رضي الله عنه: إِني نظرت في كتاب الله عزَّ وجلَّ فلم أرَ فيه فضلاً لولد إِسماعيل على ولد إِسحاق.
لقد قامت دولة الخلفاء الراشدين على مبدأ العدل وما أجمل ما قاله ابن تيمية: إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة، ... بالعدل تستصلح الرجال وتستغزر الأموال (١).
قصة جلد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عامله قدامة خال حفصة:
وأخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر رضي الله عنه استعمل قُدامة بن مظعون رضي الله عنه على البحرين وهو خال حفصة وعبد الله بني عمر ـ رضي الله عنهم، فقدم الجارود ـ رضي الله عنه ـ سيد عبد القيس على عمر من البحرين فقال: يا أمير المؤمنين، إن قدامة شرب فسكر، وإني رأيت حدّاً من حدود الله حقاً عليَّ أن أرفعه إليك. قال: من يشهد معك؟ قال: أبو هريرة، فدعا أبا هريرة فقال: بم تشهد؟ قال: لم أره شرب ولكني رأيته سكران يقيء. فقال: لقد تنطَّعت في الشهادة