للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] كان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يقضي ليلته في المسجد ولكن مُنع من المبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد، حاول معه الإمام ولكن لا جدوى، فقال له الإمام سأنام موضع قدمي، وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه فقام حارس المسجد بجرّه لإبعاده من مكان المسجد، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخ وقور تبدو عليه ملامح الكبر، فرآه خباز فلما رآه يُجرّ بهذه الهيئة عرض عليه المبيت، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز، فأكرمه ونعّمه، وذهب الخباز لتحضير عجينه لعمل الخبز، المهم أن الإمام أحمد بن حنبل سمع الخباز يستغفر ويستغفر، ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال فتعجب الإمام أحمد بن حنبل، فلما أصبح سأل الإمام أحمد الخباز عن استغفاره في الليل:

فأجابه الخباز: أنه طوال ما يحضر عجينه ويعجن فهو يستغفر

فسأله الإمام أحمد: وهل وجدت لاستغفارك ثمره؟

والإمام أحمد سأل الخباز هذا السؤال وهو يعلم ثمرات الاستغفار و يعلم فضل الاستغفار وفوائده.

فقال الخباز: نعم، والله ما دعوت دعوة إلا أُجيبت، إلا دعوة واحدة!

فقال الإمام أحمد: وما هي؟

فقال الخباز: رؤية الإمام أحمد بن حنبل!

فقال الإمام أحمد: أنا أحمد بن حنبل والله إني جُررت إليك جراً!!

(فهذه بعض فضائل الاستغفار ومنافعه جلاّها لنا ربنا في كتابه، وأفصح عنها رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما صح من خبره، تَحْمِلُ أهل الإيمان وأرباب التقوى على البدار بالتوبة وكثرة الاستغفار، غير أن هذه المنح الإلهية والفضائل الربانية إنما تحصل للمستغفرين الله تعالى حقاً وصدقاً، إذ الاستغفار ليس بأقوال ترددها الألسن، وعبارات تكرر بين الحين والآخر فحسب، وإنما الاستغفار الحق ما تواطأ عليه القلب واللسان، وندم صاحبه على ما بدر منه من ذنوب وآثام، وعزم ألا يعود على اقتراف شيء من ذلك، إذ هذه أركان التوبة النصوح التي أمر الله تعالى بها العباد، ووعد عليها تكفير الخطيئات والفوز بنعيم الجنات، فقال عز شأنه: ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [التحريم:٨]،

[*] قال الإمام القرطبي -رحمه الله-:

<<  <  ج: ص:  >  >>