وقال تعالى:{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}[الفتح:٩]
فَأبَانَ أن حقَّ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أمته أن يكونَ معزراً موقّراً مَهيباً، ولا يُعامل بالاسترسال والمباسطة كما يُعامِل الأكْفَاء بعضُهم بعضاً، قال تعالى:{لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً}[النور:٦٣]
فقيل في معناه: لا تجعلوا دعائه إياكم كدعاءِ بعضِكم بعضاً فتؤخِّروا إجابته بالأعذار والعلل التي يؤخِّرُ بها بعضُكم إجابة بعض، ولكن عَظِّموه بسرعةِ الإجابة، ومعاجلةِ الطاعة، ولم تُجعل الصلاة لهم عذراً في التخلف عن الإجابة إذا دعا أحدَهم وهو يصلي، إعلاماً لهم بأن الصلاة إذا لم تكن عذراً يُستباح به تأخير الإجابة، فما دونها من معاني الأعذار أبعد. انتهى كلامه رحمه الله.
ومِنْ جَعْلِ دعاء الرسول كدعاء بعضنا بعضاً أن يُذكر اسمه كما يُذكر اسم غيره دون صلاة ولا تسليم.
وهذا لازم من لوازم محبته.
وترك الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام عند ذِكره علامة على البخل (حديث علي في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: البخيلُ الذي من ذكرت عنده فلم يصلي عليّ.
ومن ذُكر عنده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو ذَكّرّه هو فلم يُصلِّ عليه فهذا علامة حِرمان، لقوله عليه الصلاة والسلام:"من نسي الصلاة عليّ خطئ طريق الجنة"
(حديث ابن عباس في صحيح ابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ك من نسيَ الصلاة عليَّ خطئ طريق الجنة.
فعلى أهل العلم أن يكونوا أسوة وقدوة، وأن يُعظّموا نبي الله، وقد تقدم قوله تبارك وتعالى:{فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وتقدم قول الحليمي: فأخبر أن الفلاحَ إنما يكون لمن جمع إلى الإيمان به تعزيره، ولا خلاف في أن التعزير ههنا التعظيم. أ. هـ.