للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الدعاء له فضلٌ عظيم وأجرٌ جسيم، وللدعاء فضائل لا تحصى، وثمرات لا تعد، وهو طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، ومفزع المظلومين، وملجأ المستضعفين، به تُستجلب النعم، وبمثله تُستدفع النقم، والدعاء سبب لتفريج الهموم وزوال الغموم، وانشراح الصدور، وتيسير الأمور، وفيه يناجي العبدُ ربّه، ويعترف بعجزه وضعفه، وحاجته إلى خالقه ومولاه، والدعاء سلاحٌ متين وحرزٌ مكين وسهمٌ صائبٌ لا يخطئ، والموفق من وفق للدعاء، والدعاء شعيرة جليلة، وعبادة فاضلة، بل هو من أفضل العبادات، ما أشد حاجة العباد إليه، وما أعظم ضرورتهم إليه، لا يستغني عنه المسلم بحال من الأحوال، والدعاء ومن أعظم مقامات الألوهية، ومن أعظم ما يرفع البلاء والعقوبات بإذن الله سبحانه وتعالى، بل إن الله عز وجل أخبر إن الدعاء هو العبادة، لأنه ركنها الركين، وأساسها المتين، وقال سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ). [سورة غافر، الآية: ٦٠].

وحقيقة الدعاء هو طلب الحاجة ممن يملكها، ونحن محتاجون دائما والله معط متفضل، ونحن فقراء والله الغني، إن هذا التوجه إلى الملك هو العبادة.

وسمى الله تعالى الدعاء عبادة، و تكفل بالإجابة لمن دعا، (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ). [سورة التوبة، الآية: ١١١]. (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً). [سورة النساء، الآية: ١٢٢]. فقد قال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). [سورة البقرة، الآية: ١٨٦].

(وقد سأل أعرابي الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟! فسكت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). [سورة البقرة، الآية: ١٨٦].

[*] قال ابن كثير في تفسيره على الآية: المراد أنَّه تعالى لا يُخَيِّبُ دُعَاءَ دَاعٍ ولا يُشْغَلُهُ عنه شيء، بل هو سَمِيعُ الدُّعَاءِ، ففيه تَرْغِيبٌ في الدُّعَاءِ وأنه لا يَضِيعُ لَدَيْهِ سُبْحَانَهُ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>